النحت ليس مجرد تقطيع للحجر أو تشكيل للمواد، بل هو لغة صامتة تكتب تاريخ الشعوب وتترجم الهوية الثقافية إلى حوار حي بين الماضي والحاضر.
يكرس النحت قدرته الفريدة على اختزال الزمن وتفكيك مساحات المكان في عمل واحد يعبر عن قيم المجتمع وتقاليده، وهو ما يجعل هذه الفنون رافدًا رئيسيًا للنشاط الثقافي والذاكرة الجمعية.
يعد النحت انعكاسًا لإبداع الإنسان وتشاركًا حضاريًا يعزز فهم الشعوب لبعضها عبر لغته البصرية المشتركة.
من هذا المنطلق، يبرز دور النحت في إبراز الثقافة من خلال ربط المواد المحلية بالسياسات الفنية والتاريخ الجغرافي للمكان، وفي كونه جسراً يربط المتلقي بالهوية الوطنية ضمن سياق عالمي مترابط.
في خطوة تعزز حضور المملكة العربية السعودية على الساحة الفنية الدولية، شارك النحات السعودي طلال الطخيس في مهرجان فنون الحجر 2025 الذي انعقدت فعالياته في مدينة كوداسال بمنطقة بورت دي موس في البرتغال من 22 إلى 31 أغسطس 2025.
الدورة الثالثة من المهرجان جمعت 23 نحاتًا ورسامًا من دول متعددة، وكان الطخيس السعودي والعربي الوحيد ضمن المشاركين في هذا الحدث، ليقدم عملاً نحتيًا مميزًا ارتفاعه متران بعنوان «نقاط إلى الأعلى» من الحجر الجيري البرتغالي المستخرج من المنطقة ذاتها.
يعكس العمل التزام الطخيس بإبراز الهوية المحلية وربطها بالتاريخ العميق للبرتغال عبر مادة حجرية محلية اختيرت بعناية لتتفاعل مع السياق الجغرافي للمكان.
سمح هذا الإعداد بمشهد فني ينسج بين الأصالة والحداثة، كما يعكس التعاون الثقافي المتنامي بين السعودية والدول المشاركة في هذا الحدث العالمي.
يسهم وجود مثل هذه المشاركة في تعزيز حضور المملكة في المحافل الفنية الدولية وتوثيق الحوار الفني بين الشعوب وتخليد الذاكرة التاريخية عبر الفن العام، وهو ما تسعى إليه مبادرات فنون الحجر كمسار فني يدمج الإبداع مع الهوية التراثية للمكان، ويعزز من فرص التعاون السياحي والفني بين البلدان المشاركة.
من جانبهم أشاد المنظمون بمشاركة الطخيس، حيث اعتبروها إضافة قيمة للسمبوزيوم الذي يستهدف تعزيز الحوار الفني وتوثيق ذاكرة المكان عبر الفن.
وتؤكد هذه المشاركة أهمية وجود حضور سعودي خارجياً في ميادين الفن المعاصر، وتفتح آفاق جديدة للتبادل والإبداع بين السعودية والدول المشاركة، ما يسهم في نشر ثقافة المملكة ونهضتها الثقافية على الصعيد الدولي.
تعكس مشاركة طلال الطخيس في مهرجان فنون الحجر 2025 أهمية الحضور السعودي خارجياً في ميادين الفن المعاصر كقوة فاعلة في تبديد الحدود الثقافية وتثبيت صورة المملكة كمصدر إلهام للإبداع والتواصل الإنساني.
إن مثل هذه المشاركات تفتح أبوابًا واسعة أمام التعاون الفني والسياحي بين السعودية والبلدان المشاركة، وتؤدي إلى تعزيز الحوار بين الشعوب من خلال لغة الفن التي لا تعرف حدود.
وبمساهمة النحاتين السعوديين في منصات دولية كهذه، تتعزز مكانة المملكة كقوة ثقافية تمد جسورًا بين التراث والحداثة، وتؤكد الدور الاستراتيجي للمملكة في نشر قيمها الثقافية ونهضتها الفنية على الصعيد العالمي، كما تسهم في تعزيز الهوية الوطنية وتوثيقها في إطار عالمي يثري المشهد الفني ويشجّع على الإبداع المستدام.