محمد العويفير
منذ بداية هذا الموسم كان هناك انطباع عام بين المتابعين أن الهلال قد يواجه بعض التحديات، خصوصاً فيما يتعلق بعمق تشكيلته وتوازن خياراته الفنية، لكن ما يثير الانتباه هو أن هذه المخاوف بدأت تظهر بشكل أسرع مما كان متوقعاً، فالفريق رغم خبرته وتاريخه الكبير لم يبدُ وكأنه استعد بالصورة المثالية خلال فترة الصيف لسد احتياجاته الواضحة في عدة مراكز.
وعند النظر إلى تحركات الهلال خلال فترة الانتقالات نجد أن العمل لم يكن كافياً على مستوى تدعيم الصفوف باللاعبين القادرين على صناعة الفارق عند الحاجة، فبعض المراكز بدت ضعيفة منذ البداية، ومع ذلك لم يُتخذ ما يكفي من خطوات حاسمة لمعالجة هذه الثغرات، هذا الضعف ظهر جلياً في المباراة الثانية أمام القادسية في الدوري، عندما كان الفريق متأخراً في النتيجة، وفي تلك اللحظة لجأ المدرب إنزاغي إلى دكة البدلاء بحثاً عن أوراق يمكن أن تغيّر مجرى اللقاء، لكنه لم يجد الخيارات التي تمنحه الحلول الهجومية أو الدفاعية المناسبة.
هذه ليست مجرد حالة عابرة مرتبطة بمباراة واحدة، بل إشارة واضحة إلى مشكلة هيكلية أعمق، الهلال يبدو بحاجة إلى مراجعة شاملة لسياساته في إدارة التشكيلة، ليس فقط من حيث التعاقدات بل أيضاً من حيث تطوير اللاعبين الشباب، فحتى على مستوى دوري النخبة تحت 21 سنة، لم يُبنَ فريق الهلال بشكل يضمن استمرارية إنتاج المواهب القادرة على دعم الفريق الأول، كما أن اختيار الجهاز الفني للفئات السنية لم يُظهر حتى الآن توجهاً واضحاً نحو بناء قاعدة قوية للمستقبل.
غياب العمق لا يعني فقط نقص الأسماء، بل يشير أيضاً إلى غياب التخطيط المتكامل، الأندية الكبيرة عادةً تضمن وجود لاعبين بدلاء بنفس كفاءة الأساسيين تقريباً، أو على الأقل هم قادرون على تقديم الإضافة عند الحاجة. في حالة الهلال، هذا الجانب لم يُدار بالشكل المطلوب، وهو ما قد يضع الفريق أمام اختبارات صعبة خلال الموسم، خصوصاً مع ضغط المباريات وتعدد البطولات.
الهلال تاريخياً فريق يعرف كيف يتجاوز الأزمات بفضل ثقافة الانتصار المتجذرة فيه، لكن هذه المرة يبدو التحدي مختلفاً، المسألة ليست أزمة نتائج مؤقتة بقدر ما هي إشارة إلى حاجة ماسة لإعادة ترتيب البيت من الداخل، سواء عبر تعاقدات نوعية في فترة الانتقالات المقبلة أو من خلال استراتيجية واضحة لتقوية الفئات السنية وضمان استمرارية الإمداد بالمواهب.
إن لم يُعالج هذا الملف بجدية، قد يجد الهلال نفسه أمام موسم مليء بالتقلبات، ليس بسبب تفوق المنافسين فقط، بل بسبب ثغراته الداخلية التي يمكن أن تستغلها بقية الفرق، الحلول ما زالت ممكنة لكن الوقت عامل حاسم، وكل تأخير في اتخاذ قرارات جادة قد يجعل الموقف أكثر تعقيداً مع مرور الجولات.
رسالتي
كنت دائماً أرى الهلال أقوى الفرق وأكثرها ثراءً بالعناصر المحلية المميزة، أما الآن فهذا ليس الهلال الذي أعرفه!
** **
- محلل فني