د. سطام بن عبدالله آل سعد
لم يتعادل الهلال مع الأهلي لأن «الكرة خانته»، بل لأنه خان طبيعته. فالفريق الذي اعتاد أن يفرض شخصيته بالاستحواذ والهجوم قرَّر فجأة أن يلوذ بالدفاع في أهم مبارياته، فتلاشت ملامحه، وغابت هيبته التي كانت تضبط إيقاعه في أصعب اللحظات.
الهلال أنهى الشوط الأول متقدمًا بثلاثية نظيفة، لكنه دخل الشوط الثاني بلا أدوات لإدارة الفارق. لم تكن هناك مبادرات لتهدئة الاندفاع الأهلاوي، فظل الأهلي يضغط بلا انقطاع حتى حوَّل تأخره إلى تعادل في غضون 12 دقيقة فقط. إدارة الفارق صمام أمان يعيد توزيع الجهد والوقت، وهو ما افتقده الهلال تمامًا.
ازداد المشهد ارتباكًا بقرارات إنزاغي؛ فالتغييرات جاءت في توقيت خاطئ وبالأسلوب نفسه الذي يكرره كثيرًا بعد الدقيقة 75، حيث تؤدي التبديلات إلى كسر الانسجام وتقليل الجودة تحت شعار «تنشيط الفريق». بينما كان الهلال بحاجة إلى تثبيت ركائزه، فإذا به يخسرها. وزاد الأمر سوءًا خروج ثيو هيرنانديز غير المبرر وإصابة مالكوم، ما ضاعف الفوضى وأفقد الفريق توازنه.
هدفا الأهلي من الكرات العرضية كشفا هشاشة واضحة في المنظومة الدفاعية، سواء في الرقابة الفردية أو في التعامل مع العرضيات. هذا الخلل هو مؤشر على ضعف العمل التكتيكي في الثلث الخلفي، فخلال أربع مباريات فقط استقبل مرماه ستة أهداف.
الأمر الأهم؛ هل لا يزال سالم الدوسري متناسبًا مع منظومة إنزاغي؟ اللاعب لم يعد يقدِّم سرعة الانتقال ولا فاعلية الهجمة كما في المواسم الماضية، وباتت مركزيته تعيق أحيانًا مرونة التحرك الجماعي. هذا السؤال يفتح نقاشًا أعمق عن مدى قدرة المدرب على توظيف نجم الفريق بما يخدم الخطة، لا بما يخدم الاسم.
اعتماد إنزاغي على أسماء مثل الحمدان والقحطاني يكشف أزمة أعمق، وهي ضعف دكة الهلال؛ ولأن الاحتياط لم يقدِّم الحلول ولم يمتلك الشخصية القادرة على مساندة الفريق، اهتزت المنظومة مع أول استبدال للأساسيين.
التعادل لم يكن نتيجة عرضية؛ إنما محصلة لفقدان الهوية، وسوء إدارة الفارق، وقراءة خاطئة للفريق المنافس. فالهلال خرج بتعادلٍ أثقل من الهزيمة، إذ فقد صورته كفريق يعرف كيف يحسم المباريات الكبيرة.