د.عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
ستصل أصول الصندوق إلى تريليون و75 مليار دولار مع نهاية عام 2025، مع طموح ان يصل الصندوق إلى الأكبر عالميا، مع حجم أصول مدارة تتراوح بين 925 و 945 مليار دولار، وهدف الصندوق أن تصل أصوله إلى تريليوني دولار على الأقل مع نهاية 2030 مع فرصة وصول 3 تريليونات دولار.
يعتبر الصندوق قوة دافعة للتحول الاقتصادي في السعودية، حيث أظهر التقرير السنوي لعام 2024 أنه يسهم ب10% من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي للسعودية، وإجمالي استثماراته في القطاعات ذات الأولوية أكثر من 171 مليار دولار منذ عام 2021 من أجل تحقيق عوائد مستدامة، وحتى عام 2015 كان يحقق الصندوق عوائد في حدود 2%، لكن بعد اعتماد الاستراتيجية الجديدة قفز المعدل إلى 7.3% رغم ان الصندوق لا يركز فقط على العائد المالي بل يركز أكثر على دوره في دعم تنويع الاقتصاد السعودي.
وهذا لا يعني التخلي عن دور النفط بل بالعكس تمتلك شركة أرامكو ميزة تنافسية وهي تمتلك أقل تكلفة إنتاج في العالم عند 3 إلى 3.5 دولار للبرميل، مع قدرة إنتاجية تصل إلى 12 مليون برميل يوميا من إنتاج فعلي 10 ملايين برميل يوميا.
أولوية تعاون الصندوق بقطاعات البنية التحتية والتحول في الطاقة، كأولوية تعاون الصندوق مع ماكواري التي تدير ما يزيد على 600 مليار دولار من أصول عملائها في مجالات البنية التحتية الرقمية، وتلك الخاصة بالسيارات الكهربائية وتخزين الطاقة، استثمرت 25 مليار دولار في البنية التحتية الرقمية، فيما خصصت 20 مليار دولار أخرى للإنفاق على هذا القطاع في السنوات الخمس المقبلة، وذلك للتأكد من جاهزية واستعداد السعودية للأتمتة والتحول الرقمي.
يتميز الصندوق السعودي بإسهامه في رسم ملامح مستقبل الاقتصاد العالمي، ويقود في نفس الوقت التحول الاقتصادي في السعودية بشكل مستمر ومؤثر، خصوصا وأن السعودية تستثمر في صناعات المستقبل بشكل مكثف في صناعة السيارات الكهربائية، عبر صندوق الاستثمارات العامة، في إطار استراتيجية أوسع تهدف إلى تقليل الانبعاثات والحد من واردات السيارات وتنويع الاقتصاد المحلي، فدعم الصندوق شركة لوسيد موتورز التي تعمل على إقامة أول مصنع للسيارات في السعودية، كما أطلق الصندوق علامته التجارية الخاصة بالسيارات الكهربائية تحت اسم سير وبدأ مشروعا مشتركا لإنشاء شبكة من محطات شحن السيارات الكهربائية.
يطمح الصندوق إلى جذب أبرز مديري الأصول العالميين في قطاع البنية التحتية، والاستفادة من قدرتهم على توفير الاستثمارات والخبرات العالمية المطلوبة لتسريع تنفيذ مشاريع البنية التحتية المحلية، وتعزيز نقل المعرفة وبناء القدرات في السعودية.
يتصدر صندوق الاستثمارات العامة السعودي صناديق الثروة السيادية عالميا في مؤشر الحوكمة والاستدامة والمرونة العالمية من مؤسسة Global SWF لعام 2025 في صدارة أفضل 100 مستثمر سيادي عالميا، مع نسبة التزام بلغت 100% لمعايير تصنيفات الحوكمة والاستدامة والمرونة العالمية، كما حافظ الصندوق على تصدره وريادته لمنطقة الشرق الأوسط للعام الثالث على التوالي في التصنيف، ساهمت أفضل الممارسات التي يطبقها الصندوق في حصوله على تصنيف ائتماني عند الفئة Aa3 من وكالة التصنيف الائتماني العالمية موديز، ومن فئة +A من وكالة فيتش، مما أتاح له توسيع نطاق استراتيجيته التمويلية وتعزيز مرونتها.
لم يكن حصول الصندوق على صدارة الصناديق السيادية إلا لالتزامه بتحقيق هدف الوصول إلى الحياد الصفري بحلول عام 2050، ومواكبته لأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة من خلال إطار التمويل الأخضر، حيث يساهم الصندوق من خلال تطوير 70% من قدرة توليد الطاقة المتجددة في السعودية، للوصول بحصة الطاقة المتجددة من إجمالي مزيج الطاقة المحلي إلى 50% بحلول عام 2030، بما يتماشى مع توجه السعودية للوصول إلى الحياد الصفري بحلول عام 2060، والتزام الصندوق بالوصول على الحياد الصفري بحلول عام 2050.
يستثمر الصندوق بشكل نشط في تطوير وتمويل مشاريع الطاقة المتجددة في مختلف أنحاء السعودية، بما في ذلك محطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، بما يسهم بشكل مباشر في تحقيق مستهدفات أمن الطاقة وخفض انبعاثات الكربون.
من خلال استراتيجيته منذ 2017، ساهم الصندوق في استحداث أكثر من 1.8 مليون فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، حيث عمل الصندوق على مستهدفات عدة، من أهمها ضخ 150 مليار ريال سنويا على الأقل في الاقتصاد المحلي، والمشاركة من شركاته التابعة له في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بقيمة 1.2 تريليون ريال بشكل تراكمي، ومنذ إطلاق الاستراتيجية في 2021 بلغ إجماليي استثمارات الصندوق في القطاعات ذات الأولوية أكثر من 642 مليار ريال، ووفق تقرير الصندوق لعام 2024 ارتفعت ايراداته بواقع 25% مع استمرار متانة موجوداته النقدية واستقرارها على أساس سنوي، وارتفاع في أصوله المدارة بنسبة 19% يعادل 913 مليار ريال بنهاية 2024، وارتفعت مساهمته في الناتج المحلي غير النفطي لتبلغ 910 مليارات ريال خلال الفترة من 2021 - 2024 بشكل تراكمي.
** **
- أستاذ الجغرافيا الاقتصادية والسياسية بجامعة أم القرى بمكة سابقا