هويدا المرشود
هل يمكن لجيلٍ أن يُولد ليكون سؤالًا؟ نحن الجيل الذي لم يُمنح إجابة جاهزة، بل وُضع في مواجهة كل الاحتمالات: من صورة العائلة إلى شكل المدينة، ومن المدرسة إلى سوق العمل. نحن السؤال المفتوح الذي يختبره الجميع.. ولا يجرؤ أحد على صياغة جوابه.
لقد نشأنا بين إرثٍ عميق تُردّد أصداءه الجدّات، وبين شاشة صغيرة تختصر العالم في راحة اليد.
رأينا كيف تغيّر شكل البيوت وكيف تبدّلت لغة الحوار، وكيف صارت القرارات الفردية جزءًا من سياقٍ اجتماعي أكبر منّا. نحن جيلٌ يعيش المفارقة: أن نحمل ذاكرة الماضي بكامل جلاله، ونواجه المستقبل بكل غموضه، في اللحظة ذاتها.
يصفنا البعض بأننا «جيل التجربة». نعم، جيل تُختبر عليه أنظمة التعليم الجديدة، ومشاريع التنمية الطموحة، وحتى تصوّرات المجتمع عن دوره ومكانته. لكن هذا الوصف - على ثقله - لا ينبغي أن يكون حكمًا نهائيًا. فالتجربة ليست قدرًا يُفرض علينا، بل فرصة إذا أحسنا إدارتها.
الخطر الحقيقي ليس في التغيير نفسه، بل في أن نُترك على الهامش: نستهلك ما يُصنع لنا من دون أن نشارك في صنعه، أو نكرّر ما قيل لنا من دون أن نعيد التفكير فيه. إن الأمم التي صنعت مستقبلها لم تُسلم نفسها للصدفة، بل امتلكت وعيًا ناقدًا يوازن بين ما يرسّخ هويتها وما يفتح لها أبواب المنافسة.
جيلنا اليوم أمام مسؤولية أكبر من مجرّد التكيف. نحن مطالبون أن نصوغ معادلة جديدة: معادلة تحافظ على أصالتنا وتمنحنا القدرة على الابتكار، تعترف بماضينا لكنها لا تُقيد حاضرنا، وتنفتح على العالم من دون أن تذوب فيه.
فهل نقبل أن نظل جيلًا يُجرَّب عليه كل شيء؟
أم نتحوّل إلى الجيل الذي يجرّب هو.. ويكتب للتاريخ كيف تُبنى التجارب؟