أوس أبو عطا
بعد مرور أكثر من 700 يوم على حرب الإبادة الشاملة التي تشنها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني البريء والمسالم في قطاع غزّة الكسير الأسير. حرب خلّفت أكثر من 200 ألف بين شهيد وجريح لم تترك خلالها إسرائيل أي سلاح إلا واستخدمته ضد الشعب الفلسطيني.
جرّبت إسرائيل ما لا يخطر على بال الشيطان من أساليب القتل والتهجير والتدمير، فالعدوان لا يستهدف فقط البشر بل الحجر والشجر والعصافير والقطط والكلاب والحمير وكل شيء وأي شيء ينبض بالحياة.
وخير آية على الشر الإسرائيلي المستطير والذي لا يجد من يكبحه؛ تقوم إسرائيل بتفجير «الروبوتات»، وهي عبارة عن مجسمات على هيئة ناقلة جند تسيّرها قوات الاحتلال وسط البيوت في الأحياء السكنية، وفي الأغلب تكون هذه الأحياء فارغة من قاطنيها الذين هجرّهم القصف الإسرائيلي العشوائي واضطروا لترك بيوتهم وبيوت آبائهم وأجدادهم.
ويتسبب تفجير «روبوت» واحد، الذي يحدث غالباً في ساعات الليل أو عند صلاة الفجر، بتدمير بين 20 و25 منزلاً بشكل كلي وتسويها بالأرض، إضافة إلى تدمير بين 40 و50 منزلاً بشكل شبه كلي. أي أنّه زلزال صغير يهزّ الأرض ومن فوقها ويشقق ما تحتها.
وطال الدمار الذي خلفته الحرب الإسرائيلية أكثر من 90 % من مساحات قطاع غزة الكسير الأسير، حيث دمر الاحتلال المجرم أكثر من 268 ألف وحدة سكنية بشكل كامل، و148 ألف وحدة بشكل بليغ لم تعد صالحة للسكن بشكل قاطع، و153 ألف وحدة لحقت بها أضرار جزئية، مما ترك أكثر من 290 ألف أسرة فلسطينية بدون مأوى، وذلك حسب آخر إحصائية صادرة عن الجهات الحكومية في غزة.
إسرائيل لا يروق لها المناظر الحضارية لأبناء الشعب الفلسطيني؛ لكي تؤكد المقولة الصهيونية: العرب أبناء الصحراء. هذا الهدم لا يعكس إلا حقدا على البشرية والطبيعة.
بيوت تُهدم فوق ساكنيها، شوارع غمرها الغبار والدماء، أمهات يبحثن عن أطفالهن بين الركام، وآباء عاجزون أمام صرخات فلذات أكبادهم، عشرات الآلاف من النساء والشيوخ والاطفال هائمة على وجوهها في الطرقات.
غزة يتم إعدامها الان على الهواء مباشرة:
برجاً برجاً. بيتاً بيتاً. خيمةً خيمة. إنساناً إنساناً. شارعاً شارعاً. حلماً حلماً.
غزّة تحترق حقيقة لا مجازاً، غزة تحترق. هكذا تقول الصور وأشرطة الفيديو التي يدرجها أبناء المدينة.
في أحد الأشرطة يحمل مواطن كفنه ويخاطب العالم:
«رسالتي الأخيرة إلى جميع العالم من قلب مدينة شمال قطاع غزة المهددة بالإبادة الجماعية. وصلتنا أوامر بإخلاء المدينة كاملا الآن الآن الآن.
اشتريت كفني بيدي. وكتبت وصيتي على جدار البيت: لا بديل عن شمال غزة، إلا الجنة.
فلتشهد يا رب أننا هنا باقون هنا ثابتون. لن يضرنا أحد. لن يضرنا صمت العالم لن يضرنا أحد، وبإذن الله لن نخرج. وأكفاننا بأيدينا، فلتشهد يا رب أننا هنا باقون أننا هنا باقون ثابتون.
نشهد أن لا إله إلا الله وأن سيدنا محمد رسول الله: نحن خصوم أمام الله ويوم العرض عليه. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.