فؤاد بن عبدالله الحمد
في الخامس والتسعين من عمر وطننا المجيد، تتوهج القلوب ولاءً، وتشرئب الأعناق فخراً. لم يعرف التاريخ الحديث وحدةً كالتي صنعها القائد المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - رحمه الله - حين جمع شتات الجزيرة تحت راية التوحيد. ومنذ ذلك اليوم، والمملكة تمضي بخطى راسخة نحو المعالي، متوشحةً براية «لا إله إلا الله محمد رسول الله».
لكن اليوم الوطني ليس مجرد مناسبة للاحتفال، بل هو وقفة تأمل في أعظم نعم الله علينا: نعمة الأمن. {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ}. ولولا الأمن لما تأسست أكثر من 40 جامعة تنتشر اليوم في مختلف مناطق المملكة، ولا تحققت القفزات الاقتصادية التي جعلت السعودية ضمن أكبر 20 اقتصاداً في العالم، ولا شهدنا مشروعات نوعية كمشاريع «نيوم» و»القدية» التي تُعيد رسم ملامح المستقبل.
إن ذكرى الوطن تطرح سؤالاً تربوياً عميقاً: كيف نغرس في أبنائنا حب الوطن حباً صادقاً لا شعاراً عابراً؟ الجواب أبسط مما نتصور: في القدوة اليومية. حين يحترم الأب النظام، وتصون الأم النعمة، ويتعامل المجتمع بروح الإتقان والعمل، يتعلم الأبناء أن المواطنة ليست كلمات تُرفع في المناسبات، بل سلوك يومي يترسخ في كل صغيرة وكبيرة.
واليوم، في ظل رؤية المملكة 2030، يتعانق الماضي مع الحاضر، وينهض الشباب برسالة النهضة كما نهض الأجداد برسالة التوحيد. أكثر من 70 % من سكان المملكة تحت سن الأربعين، ما يجعلهم وقود النهضة وأمل المستقبل. هؤلاء الشباب هم الذين سيحملون الراية، في التعليم، في التقنية، في الابتكار، وفي بناء اقتصاد متنوع قائم على المعرفة.
إن الدفاع عن الوطن عبادة، وخدمته شرف، والاعتزاز به دين ووفاء. وما أجمل أن يترنم الأبناء في قلوبهم قبل ألسنتهم: هنا وطن العز والمجد، هنا السعودية التي تحتضن الحرمين الشريفين وتضيء للعالم مشعل الهداية والسلام.
كل عام ووطننا بخير، كل عام ورايته خفاقة بالعز والتوحيد، وكل عام ونحن على العهد، أوفياء لله، ثم للوطن، ثم لولاة أمرنا - أيدهم الله.