د. يعقوب بن يوسف العنقري
نمر هذه الأيام بمناسبة اليوم الوطني السعودي 95 تحت شعار (عزنا بطبعنا)، وبتجدد هذه الذكرى الوطنية يتجدد معها سوانح ثقافية ووطنية نحب أن نسلط الضوء عليها:
قصة فتح الرياض على يد المؤسس الملك عبدالعزيز -رحمه الله- أخاذه في تفاصيلها، تظهر فيها شجاعة متناهية للمؤسس-رحمه الله- والأبطال الذين كانوا معه في مبادرتهم بأنفسهم وتضحيتهم بها، وقودهم الحماسة ودافعهم استعادة مجد الأمة السعودية الذي تأسس على يد الدولة السعودية الأولى.
في ذكرى اليوم الوطني نستذكر بفخر واعتزاز شجاعة المؤسس -رحمه الله- وبذله لنفسه ومن معه لبناء هذا الكيان، ونتساءل ماذا لو لم يتم الأمر كيف سيكون حالنا، هل سيصل مجتمعنا إلى هذا التطور الإنساني والحضاري الذي وصلنا إليه؟، بالتأكيد فإن الإجابة لا، لذلك فإن من الواجب علينا أن نتذكر هذه النعمة العظيمة التي أنعم الله بها علينا، فجمعنا بعد فرقة، وآمننا بعد خوف، وأحاطنا بالنعم حتى أضحى وطننا في الركب الحضاري العالمي، ونشكر المولى سبحانه عليها، ونسعى للمحافظة على دوامها.
اعتنى المؤسس-رحمه الله- منذ بداية الدولة السعودية بالعقيدة والقيم الفاضلة، فكان -رحمه الله- يؤكد عليها بأقواله وأعماله، ويسعى إلى ترسيخها في المجتمع السعودي، فأنشأ جيلاً ووسطياً معتدلاً محافظاً على دينه وتقاليده، ساعياً في الاستفادة من المنجزات الحضارية. فمن أقواله -رحمه الله- في أحد خطبه في عام 1348هـ: «قد نصرنا الله بقوة التوحيد الذي في القلوب والإيمان الذي في الصدور.
ويعلم الله أن التوحيد لم يملك علينا عظامنا وأجسامنا فحسب، بل ملك علينا قلوبنا وجوارحنا، ولمن نتخذ التوحيد آلة لقضاء مآرب شخصية، أو لجر مغنم؛ وإنما تمسكنا به عن عقيدة راسخة، وإيمان قوي، ولنجعل كلمة الله هي العليا».
من السمات المميزة لوطننا الغالي أنه منذ تأسيسه يجمع بين المحافظة على الهوية الوطنية والسعي في التطور الحضاري والإنساني، فهناك اعتزاز بالتمسك بالهوية الوطنية بعيدا عن الذوبان في الثقافات الأخرى أو الانعزال عنها، ويبقى شعار اليوم الوطني 95 يمثل هذه الحقيقة (عزنا بطبعنا).
كان المؤسس -رحمه الله- نموذجاً للإصلاح ومحبة الخير، فسعى إلى استصلاح الرجال المعادين له، فأعمل فيهم العفو بعد مقدرته عليهم، ومكنهم من العمل في الدولة، والجلوس في مجالسه، وأخذ آرائهم، فتحولت القلوب من العداء إلى المحبة، ومن الكره إلى الولاء، لذلك أسس المؤسس هذه الوطن على هذه السياسة الفريدة والحكيمة.