سهام القحطاني
«خيرنا أثر طبعنا» إنه إيجاز لسر خير وبركة بلادنا العظيمة، تتجلى في القصة الأعظم لسر هذا الإيجاز التي حدثت بين المؤسس الخالد الملك عبدالعزيز آل سعود، -غفر الله له- مع المرأة العجوز العمياء أم العيال التي كانت تعاني من الفقر وتصدق عليها، فلم تجد دعاء تقدر له هذا الفعل الذي يتميز بالإحسان والعطف والمحبة إلا دعاء «اللهم أفتح له خزائن الأرض» دعاء استجابت له أبواب السماء ففُتحت له أبواب الأرض.
فقد تعود المؤسس -رحمه الله- أن يتجول بين المواطنين ويتواصل معهم وخاصة في العشر الأواخر من رمضان، وهو الطبع توارثه أبناؤه فكانوا مثلا في كل عمل خير أصله في الداخل وفروعه استظلت بها حاجات كل محتاج وملهوف في العالم، والشواهد في ذلك تملأ عيون العالم بدءا من دعوة الكنز التي كانت خالدة في ذاكرة الملك المؤسس -رحمه الله- والذي قال عنها بعد أول اكتشاف بئر نفط في الدمام «الحمد الله قُبلت دعوة أم الأطفال» ووصولا إلى مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، هذا المركز الذي هو ترجمة حيّة لأصالة طبع السعوديين في الخير وإغاثة الملهوف، والذي أصبح اليوم أشبه بمنظمة دولية للإغاثة.
يأتي اليوم الوطني هذا العام تحت شعار «عزنا بطبعنا» كهوية رسمية لليوم الوطني «95» وهو شعار يدعم تأصيل عراقة السعوديين، ويعكس القيم الأصيلة للمجتمع السعودي.
شعار يعزز فخرنا بما نمتلكه من طبع سواء في علاقاتنا الوطنية أو علاقاتنا مع الآخر، وكيف ترسخّ هذا الطبع عبر الأجيال حتى أصبح هوية أخلاقية تميّزنا كسعوديين.
يتميز الشعب السعودي بقدرته على الاندماج مع الآخر، وهذا الاندماج سببه كان وما يزال يعود إلى خصائص طبعه التي تشكلت منذ أصوله على الكرم والجود والفزعة وحماية من يستجير به.
هذه الخصائص التي أصبحت مع التقادم في الأصل والفرع الهوية الأخلاقية للشعب السعودي الذي تميزه عن باقي الشعوب موثقة بالتاريخ والواقع ؛فالطبيعة الصحراوية التي عاشها السعودي اكتسب منها أجمل صفات هذه الطبيعة من شجاعة وصبر وكرم وحماية الضعفاء والترحيب بالضيوف والاهتمام بهم.
هذه المكتسبات التي أصبحت طبعا أصيلا تربى عليها السعوديون الأوائل وتوارثتها الأجيال.
كما كانت الظروف والتجارب أعظم نماذج تأصيل لتلك المكتسبات عبر العهود.
لقد تميزت السعودية وما تزال بأنها بيئة جاذبة للجميع فهي قبلة دينية واقتصادية لكل المسلمين ولغير المسلمين الذين يأتون للعمل وطلب الرزق في أرض باركها الله منذ بدء الخليقة، وأحيانا كثيرا طلبا للأمن والسلام.
وهذه البيئة الجاذبة كانت اختبارا لطبع المواطن السعودي وسلوكياته الإيجابية نحو ضيوف البلد، هذا الاختبار الذي أكدّ ومازال يؤكد على رقي طبع المواطن السعودي في التعامل مع الآخر المختلف وقبوله واحترامه وحمايته.
فكان الحج خير اختبار لرقي الطبع الأصيل للسعودي المضياف الكريم الجواد.
وفي بدايات النهضة واستقبال السعودية لكوادر المعلمين والمعلمات من الأشقاء العرب خير اختبار لرقي وأصالة الطبع السعودي، فوجدت تلك الكوادر الاحترام والجود والمشاركات الوجدانية من العائلات السعودية والطلاب السعوديين.
فالسعوديون يمتلكون القدرة على الاندماج مع الجميع والتآلف مع الآخر وتقديره والاستفادة من ثقافته في نهضة ثقافتهم وهذا أمر لا يُستغرب لأنه جزء من طبعهم المحب للآخر.
ومع خروج المرأة السعودية لسوق العمل، واحتياجها لمساعدة منزلية وسائق خاص، وهو ما استلزم استقدام عمالة منزلية ،وكانت هذه العمالة اختبارا جديدا لرقي طبع السعودي وأصالته، فكانت خير شاهد على ما يمتلكه السعودي والسعودية من طبائع الخير والجودة وإنسانية التعامل والمحافظة على كرامة هذه العمالة.
لقد كانت السعودية وما تزال حكومة وشعبا لهما أياد بيضاء ومواقف ناصعة الخير والعطاء مع كل الشعوب العربية المضطهدة والمنكوبة والمحتاجة بدءا من فلسطين مرورا بأفريقيا وأوروبا، وهو ما يعكس حقيقة طبع السعوديين الزاخرة بالمحبة والسلام والعطاء والنخوة.
إن خير أثر للشعوب هو ما تمتلكه من طبع يعلي من صوتها وصورتها، لترسم من خلاله نماذج لأصالة ذلك الطبع بقلم الواقع الحيّ؛لأنه التاريخ الحقيقي للشعوب ورمز حضارتها؛ ولذلك سنظل نعتز بأصالة طبعنا ونفتخر بعراقتها إلى آخر الدهر. لأنها هي من ستوثق عظمة التاريخ ورقي الحاضر ونهضة المستقبل.