د. محمد بن أحمد غروي
في أنحاء العالم يستقبل مئات الآلاف من السعوديين المقيمين بالخارج يوم الثالث والعشرين من سبتمبر بشوقٍ متجدد، يترقبون الاحتفال باليوم الوطني الخامس والتسعين، ويستحضرون تاريخ بلادهم العريق وإنجازاته المتلاحقة. وفي قلوبهم يتردّد شعار هذا العام «عزّنا بطبعنا»؛ تعبير صادق عن هوية أصيلة وصفات متجذّرة نشأوا عليها كالكرم والجود والفزعة والطموح والأصالة، وهي قيم تلازمهم في حياتهم اليومية أينما كانوا.
ولا تكتمل فرحتهم بمتابعة الاحتفالات عن بُعد؛ ففعاليات اليوم الوطني التي تنظّمها سفارات المملكة حول العالم تمنحهم فرصة فريدة للتلاقي، حيث يجتمع أبناء الجالية السعودية كباراً وصغاراً مع وزراء وسفراء عرب وأجانب، في أجواء بهيجة تعكس روح السعودية ورؤيتها الطموحة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله- وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- نحو مستقبل كله عز وفخار.
اليوم الوطني في الخارج مناسبة للتعريف بثقافة المملكة وتاريخها، وفرصة لغرس حب الوطن في نفوس الأجيال الناشئة. ومن خلال مشاركتي في احتفالات سفارة المملكة في ماليزيا، لمست كيف تطورت الجهود الإبداعية عاماً بعد عام لإبراز الهوية السعودية، مدهشةً ضيوف العالم بما تحقق من إنجازات، حتى غدت المملكة رمزاً للتقدم والابتكار.
الأصدقاء الأجانب يتسابقون لالتقاط الصور مع السعوديين بزيهم التقليدي، ويسألون عن مشروعات نيوم والبحر الأحمر والمربع واستعدادات إكسبو وكأس العالم، منبهرين بسرعة التطور. كما يتذوَّقون القهوة السعودية وأطباق المأكولات لأول مرة، ويشاركون في الرقصات الشعبية التي تجسد عراقة البلاد وروحها الكريمة.
ورغم البعد الجغرافي، يبقى الوطن نابضاً في القلوب، ويظل الاحتفال باليوم الوطني في الخارج جسراً عالمياً للتواصل الثقافي والتعريف بحضارة المملكة، وامتداداً لفرحة بدأت منذ أن وحّد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- أرجاء البلاد وأعلن في 23 سبتمبر 1932 قيام المملكة العربية السعودية.
إنها مناسبة تثبت أن «عزّنا بطبعنا» ليس شعاراً فحسب، بل حقيقة راسخة في كل قلب سعودي أينما كان. هكذا يبقى اليوم الوطني، مهما ابتعدت المسافات، عنواناً للفخر والانتماء ورمزاً لوطن يسير نحو مستقبل يعانق السماء.