رسيني الرسيني
جرِّب مرة أن تشتري جهازاً إلكترونياً من أحد المتاجر، سيبادر المتجر بعرض خدمة بمقابل مادي لتغطية بعض المخاطر المستقبلية. السؤال: هل هذه الخدمة تأمين؟ وإن كانت كذلك، هل المتجر يُقدم هذه الخدمة وفق ترخيص لممارسة التأمين أو تُقدم الخدمة من خلال إحدى شركات التأمين؟ الحقيقة تُظهر الحاجة الماسة لإعادة النظر في بعض الممارسات التجارية التي تشبه في جوهرها نشاط التأمين، وعلى رأسها خدمات «الضمان الممتد» التي تقدمها بعض المتاجر أو الشركات خارج إطار إشراف التأمين الرسمي، ولكن يجب أولًا توضيح الفرق الجوهري بين «الضمان» و»الضمان الممتد» ومن ثم الإجابة عن التساؤلات أعلاه.
عند التأمل في طبيعة «الضمان» نجد أنه التزام من الشركة المصنعة تجاه جودة المنتج خلال فترة محددة، ويُعد بمثابة تأكيد على كفاءة التصنيع وخلو المنتج من العيوب. أما «الضمان الممتد» الذي يُباع من قِبل بعض المتاجر، نجد أن هذه الخدمة تغطي خطرًا مستقبليًا محتملًا، مثل: الكسر أو التلف، مقابل مبلغ مالي محدد يُدفع مسبقًا، مع التزام بتعويض العميل أو إصلاح الجهاز أو استبداله. هذه العناصر الثلاثة هي جوهر التأمين: خطر، ومقابل مالي، وتعويض عند وقوع الخطر. وبالتالي «الضمان» هو ضمان المصنع، بينما «الضمان الممتد» خدمة إضافية تقدم للعميل بهدف إطالة مدة التغطية.
أما عن الممارسة في السوق، فبعض المتاجر لديها اتفاقية مع إحدى شركات التأمين لتقديم الضمان الممتد، بينما المتاجر الأخرى تقدم هذه التغطية بنفسها، ما يعني ممارسة نشاط التأمين دون ترخيص أو رقابة، وإضاعة فرصة قائمة على قطاع التأمين. كما تُعد هذه الممارسة فجوة تنظيمية تجعل من السهل على الجهات غير المتخصصة تقديم خدمات التأمين دون التأكد من قدرتها على الوفاء بالتزاماتها، على خلاف شركات التأمين المرخصة التي تُلزم بالامتثال لمتطلبات رأسمالية، واحتياطيات مالية، وتقييم المخاطر، والإفصاح عن الشروط بدقة وغيرها من المعايير التي تفرضها هيئة التأمين للتأكد من قدرة الشركة على تقديم الخدمة.
من هنا يبرز وجوب حصر تقديم خدمة الضمان الممتد على شركات التأمين المرخصة بذلك، لتعزيز حماية المستهلك من خلال إخضاع هذه العقود للأنظمة الرقابية والمالية التي تفرضها هيئة التأمين، مما يضمن الشفافية في الشروط وتحديد المسؤوليات. بالإضافة إلى فتح آفاق لنمو شركات التأمين وتوسّعها في منتجات من احتياجات السوق، خصوصًا أن عدداً من شركات التأمين تُقدم منتج تأمين الضمان الممتد.
أما الأهم من إيقاف ممارسة هذا النوع من التأمين دون ترخيص، هو رفع مساهمة قطاع التأمين في الناتج المحلي، عبر دمج مبالغ حالية في السوق خارج الإطار النظامي للتأمين.
حسنًا، ثم ماذا؟
هناك ممارسة أخرى من قبل بعض مكاتب تأجير المركبات، حين يعرض عليك المكتب تأمين المركبة ويسأل: هل تريد تأمين بنسبة تحمل أو لا؟! هنا أترك للقارئ الكريم الإجابة عن السؤال التالي: هل هذه فرصة أخرى ضائعة على قطاع التأمين؟