إيمان الدبيّان
إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن على فراق سماحة شيخنا ومفتي مملكتنا الشيخ عبدالعزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ؛ الذي غادر الحياة أمس، غادر رمز الوطن في يوم الوطن عن عمر يناهز 80 عاما سخر نفسه ووقته فيها لخدمة الإسلام والمسلمين في كثير من المهام والأعمال منذ شبابه إلى وفاته -رحمه الله وأسكنه فسيح جناته-.
تولى -غفر الله له- كثيرا من المهام والمناصب كان آخرها المفتي العام للمملكة العربية السعودية، ورئيس هيئة كبار العلماء، والرئيس العام للبحوث العلمية والإفتاء، ورئيس المجلس الأعلى لرابطة العالم الإسلامي.
من أبرز محطاته العملية خطبته في يوم عرفة، حيث كان يُلقي الخطبة في مسجد نمرة لمدة 35 عامًا، من عام 1402هـ حتى عام 1436هـ، ليكون بذلك أطول خطيب في تاريخ الأمة الإسلامية، بالإضافة إلى كونه ثالث مفت في تاريخ المملكة العربية السعودية.
وله جهود كبيرة في إلقاء الدروس والمحاضرات، والمشاركة في الندوات والبرامج الدينية الإذاعية والمتلفزة.
كما أنه قد عرف عن سماحة المفتي -رحمه الله- دعوته إلى الوسطية وتأصيلها في نفوس وأذهان طلاب العلم وخاصة فئة الشباب، كما كان -طيب الله ثراه- ينبذ التطرف والتفرق ويعزز الحب لولاة الأمر والإخلاص للوطن، كما كان من صفاته حبه لإصلاح ذات البين عند حدوث خصام بين الأشخاص، ويتهلل وجهه فرحا واستبشارا عند حل الخصومات بين المتخاصمين.
عُرف بذكائه وتواضعه، أمضى حياته في خدمة العلم والفتوى، فكانت له دروس وفتاوى ومؤلفات، تميزت بالاعتدال، والحرص على وحدة الأمة، والرفق بالناس.
رحم الله سماحة الشيخ، فقد كان قامة علمية شامخة، وعلامة فارقة في تاريخ الفتوى بالمملكة، رحل رجل الوطن، وأحد رموزه الدينية وعلماء الأمة الإسلامية وبقي أثره وعلمه في مؤلفاته وفي مشايخنا وعلمائنا الذين ينهجون منهجه ويقتفون سيرته ويقتدون بوسطيته الدينية ويطبقونها، ويعلموننا كيف نؤصل ونعزز قيم سماحته الإسلامية ويؤكدونها في خطبهم وقمم منابرهم في إمامتهم ومحاريب صلاتهم أطال الله بقاءهم وأمد بعلمهم وأعمارهم.