عبدالإله بن محمد بن مرشد التميمي
بقلوبٍ يعتصرها الحزن، ونفوسٍ مؤمنة بقضاء الله وقدره، ودّعنا اليوم عَلَمًا من أعلام الأمة، وشيخًا من شيوخها الكبار، وسراجًا من سُرُج الهداية والورع، سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ -رحمه الله رحمةً واسعة-.
لقد كان – رحمة الله – إمامًا في العلم، زاهدًا في الدنيا، ثابتًا على الحق، ناصحًا للأمة، صادقًا في كلمته، حريصًا على منابر الهدى أن تظل منارةً للخير والدعوة، تُبَصّر الناس بدينهم، وتدلّهم على صراط الله المستقيم.
كم ستفتقده المنابر التي طالما اعتلاها ببيانه العذب، ومواعظه الصادقة، ونصحه للأمة وولاة أمرها.
وكم سيبقى أثره شاهدًا في كتبه، وفي تلامذته، وفي كل قلبٍ أيقظه صوته ليعود إلى الله.
نعزّي مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي عهده الأمين -حفظهما الله- في هذا المصاب الجلل، ونعزّي أهل الفقيد وأسرته الكريمة، ونعزّي أنفسنا والمسلمين كافة في رحيل هذا العَلَم الذي عزّ تعويضه.
عرفناه بتواضعه الجمّ، وبساطته التي لا تكلف فيها ولا تصنّع، فإذا جالسته شعرت أنّك أمام والدٍ ناصح، لا مجرد عالمٍ كبير.
كان -رحمه الله- قريبًا من الناس، رحيمًا بهم، يفتح لهم قلبه قبل أن يفتح لهم علمه، فيجدون عنده صدرًا رحبًا، ونصيحة صادقة، وكلمةً تهدي إلى سواء السبيل.
لقد عاش الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ حياته عابدًا زاهدًا، نذر علمه لله، فكان إمامًا في الفتيا، وركنًا من أركان الدعوة، يصدع بالحق لا يخشى في الله لومة لائم. ملأ المنابر بذكر الله، ووجّه الأمة بكلماته التي خرجت من قلبٍ عامرٍ بالإيمان، فدخلت القلوب واستقرت فيها.
إن رحيله خسارة فادحة للأمة الإسلامية، إذ تفقد بموته عَلَمًا من أعلامها، ورمزًا من رموزها، وشيخًا من شيوخها الكبار. لكن عزاءنا أن العلماء لا يرحلون تمامًا؛ فهم باقون بما غرسوه من علم، وبما تركوه من ميراثٍ خالدٍ ينير الدروب لمن بعدهم.
اللهم اغفر لعبدك عبدالعزيز آل الشيخ، وارفع درجته في عليين، واجزه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء. اللهم اجعل علمه شافعًا له، وعمله المخلص نورًا في قبره، وارزقه الفردوس الأعلى من الجنة بغير حساب. اللهم ألهم أهله وذويه الصبر والسلوان، وأخلف على الأمة بخير، واجمعنا به في دار كرامتك، مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقًا.
و(إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ).