فيصل بن عبد الله بن محمد آل سعود
هذه قصة أرامكو التي شاهدناها وسمعناها وأحسسنا بها. قصة هذه الصحراء بسواحلها وجبالها ورمالها وسهولها، قصة إنسانها الذي عاش وترعرع على أرضها، قصة رجالها ونسائها الذين شاركوا وأسهموا في بنائها، كلها تصب في قصة رؤى رجل وحدها وجمعها وأمنها وأوجدها.
خمسة وسبعون عاماً أسهمت في بناء إنسان وإعمار دولة، حيث كان الاستثمار في الثروة البشرية بعد توفيق الله ثم حكمة الموحد عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود -تغمده الله بوافر رحمته وأسكنه فسيح جناته- عندما وقع بقصر خزام في بوابة الحرمين الشريفين عام 1933م اتفاقية الخير، وبعدها من الله على هذه البلاد وكانت بئر خير كما سماها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز. البئر رقم 7 التي أثبتت صحة الاستكشاف وبداية البحث عن الموجود في باطن هذه الأرض، ليطور أجيالاً وأجيالا، ويسهم في النمو والأمن والاستقرار.
خمسة وسبعون عاماً رأينا نتاجها متمثلاً في أجيال ترعرعت في هذه المؤسسة العملاقة التي جمعت الشرق والغرب في مصالح مشتركة، أساسها رجال عشقوا العمل واحترموا الالتزام، وقدروا معنى العطاء، وكانت النتائج هي ما نلمسه اليوم في بناء مؤسساتي يقوده أبناء الوطن مثالاً يحتذى به في العمل والإنتاجية.
أرامكو السعودية بيوبيلها الماسي أشرقت بلوراتها تتلألأ في سماء المعرفة، فما كان ذلك الطرحفي التقديم لنظرتها المستقبلية إلا تأكيداً لإيمان قياداتها الواعية أن الطريق إلى بناء المجتمع المعرفي تضيئه العقول والاستثمار في رأس المال البشري. وهذا ما كان في الماضي وما هو بإذن الله - كائن في المستقبل، خصوصاً عندما نرى أن بئر الخير ستكون جزءاً من مستقبل الخير في مركز المعرفة والثقافة مركز الملك عبد العزيز الحضاري للإثراء المعرفي الذي تعتزم إقامته أرامكو ليكون منار إشعاع للعلم والإبداع والابتكار.
لا أعلم كيف أستطيع التعبير عما يدور في داخلي من نشوة بمعنى السعادة الحقيقية، وأنا أعود لما يقارب السنة والنصف، عندما اجتمعت مجموعة الأغر» في الجبيل لبناء استراتيجية المملكة للمجتمع المعرفي، وكانت النخبة من أرامكو ممثلة بنسائها ورجالها يشاركون إخوانهم وأخواتهم من خلال منهجية الأغر التي برزوا بإثرائها بفكر استراتيجي مبدع ومبتكر، كان له الدور الأكبر في إطلاق الطاقات الكامنة من باطن الأرض وهو ما اعتادوا عليه.
المعرفة كانت العنوان الأميز فيما تبنته أرامكو السعودية بالتعريف بنظرتها المستقبلية، وهذا ما تحلم به في مجموعة الأغر بناء على التوجيه السامي الكريم ببناء استراتيجية المعرفة التي
تعنى ببناء مجتمع معرفي منتج ومنافس عالمياً بحلول عام 1444هـ، لتحقيق تنمية مستدامة من خلال بناء ثروة بشرية مبدعة وبيئة تقنية وبنية تحتية محفزة لتحسين مستوى المعيشة والرقي بالمجتمع السعودي.
كما قلت مباركاً بهذه المناسبة للإخوة القائمين على هذا الحدث أبارك لهم راجياً أن يحتفي بمائة وخمسين عاماً بيوبيل أرامكو الماسي الأخضر؛ لأن ما بناه أوائلنا يجب أن يبقى بإذن الله وتوفيقه لأجيال المستقبل، إذا كانت المعرفة هي العنوان والمجتمع المعرفي هو الهدف لبناء الإنسان، وإذا كان ابن عبد العزيز خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله هو من يؤكد المسيرة ويحمل الراية موحداً ومجدداً وبانياً ومعمراً ومستثمراً في البلاد والعباد.