د. إبراهيم بن جلال فضلون
«إذا لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب»... مثل جاهلي يختزل واقعاً عربياً يعيشه الجيل الجديد. هذا المثل لم يعد صورة بلاغية للصراع من أجل البقاء أو مجرد حكمة في بطون الكتب، بل صار قانوناً غير مكتوب تدير به القوى الكبرى صراعات المنطقة، وعلى رأسها إسرائيل وأميركا.
العربي القديم وصف الذئب بالخداع والدهاء. واليوم تتجسد الذئاب في قادة يعتاشون على الحروب، من هتلر الذي حلم بتسوية باريس بالأرض، إلى نتنياهو الذي حوّل غزة إلى مصنع دماء وأشلاء. ما يجمع الطغاة هو «نشوة التدمير»؛ إحساس مشوّه بالتفوق لا يتحقق إلا بمحو مدن ودفن شعوب. وقد قالها زهير بن أبي سلمى قبل أكثر من ألف وأربعمائة عام، «من لا يَظلِمِ الناسَ يُظلَم»، وكأن صدى بيته الشعري ما زال يتردّد في دهاليز السياسة العربية حتى اليوم.. صمت مريب. بيانات إدانة لا تُسمن ولا تغني. كل صمت عربي هو في حقيقته «أكل للثور الأبيض». وما يجري في فلسطين اليوم سيجد طريقه غداً إلى عواصم عربية أخرى، طالما ظلّ العجز سياسة رسمية، فالعربي القديم عرف الذئب كرمز للخديعة والقوة، وكان يقول: «فلان ذيب» بمعنى أنه لا يُخدع. لكن أي فرق شاسع بين ذئبٍ يحمي نفسه من غدر الصحراء، وذئابٍ حديثة تستبيح المدن بالصواريخ والطائرات المسيّرة، وتجعل من الأطفال مشاريع قبور متنقلة!، فتواصل الذئاب الغربية التهام الأرض والإنسان، وهنا على العرب ألا يقفوا في صمتهم المريب فقد بدأوا بالدوحة وهُم حماتها. فلا تكفي بيانات التنديد ولا دموع المؤتمرات. فكل تراجع عربي عن نصرة فلسطين هو بمثابة السماح لذئب جديد أن ينهش قطعة أخرى من الجسد العربي، ألم يقل المثل: «أُكلتُ يوم أُكل الثور الأبيض»؟
كلمة أخيرة: إن مواجهة الإرهاب الإسرائيلي- الأميركي لا تكون بالخطابات وحدها، بل بإعادة صياغة معادلة الردع العربي. ولا ننس القول العربى القديم: «الذئب لا يأكل من غنمه إلا الغافل»... والسؤال: هل تبقى الأمة غافلة حتى يأتي يوم لا تجد فيه غنماً ولا راعياً؟.