فضل بن سعد البوعينين
إعلاء الشريعة الإسلامية وإقامة العدل والشورى، هما القاعدة التي قامت عليها الدولة السعودية، واستمدت منها قوتها، وتعاظمت بركتها، بفضل الله، الذي نصر قادتها، ومكنهم وأرسى حكمهم المتوارث لثلاثة قرون متتالية. عقيدة راسخة، وتوكل على الله، واهتمام بإقامة تعاليم الشريعة السمحة، ونشر الدين الإسلامي، وخدمة الحرمين الشريفين، والعناية بهما.
إرساء حكم الشريعة وجعل الكتاب والسنة قاعدة الدستور، والممارسة العملية، هو النهج الذي انتهجه الملك عبدالعزيز، رحمه الله، وقامت عليها المملكة منذ توحيدها وحتى يومنا الحالي، بل وهي أساس الدولة السعودية الأولى والثانية، ما يؤكد استمرارية النهج الإسلامي، وترسيخ العقيدة، وحمايتها، وجعلها سياسة عامة، ومرجعية التحكيم، وأساس التشريع والأنظمة، وهو ما سار عليه أبناء المؤسس، حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان، حفظهما الله وأيدهما بتوفيقه. نستحضر تلك السياسة المباركة، في يومنا الوطني المجيد، ونربطها بالعهد الزاهر الذي تعيشه المملكة اليوم.
استهلال صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، الخطاب الملكي، والذي استعرض فيه السياستين الداخلية والخارجية، وما تحقق من نهضة تنموية وفق رؤية السعودية 2030، بالتمسك بالشريعة السمحة، والعمل على رفعتها، وخدمة الحرمين الشريفين، وإعطائهما جل العناية والاهتمام، يؤكد نهج الدولة الثابت، القائم على العقيدة، وخدمة الإسلام والمسلمين، قولا وتشريعا، وعملا، وحرصها على إعمار الحرمين الشريفين وتوسعتهما، وبذل الغالي والنفيس من أجل تطويرهما، وتهيئتهما للحجاج والمعتمرين والمصلين، والوصول بهما إلى قمة الجاهزية، والتطوير النوعي، والسعة الكافية، والكفاءة الهندسية، والإبداع العمراني.
ففي كل مناسبة وطنية، تؤكد القيادة على تشرفها بخدمة الحرمين الشريفين، ومسؤوليتها تجاههما، وتُسَخير الطاقات المتاحة لإعمارهما، وتطوير المشاعر المقدسة، لخدمة ضيوف الرحمن، وأداءً للأمانة، وتحملا للمسؤولية، وتقربا إلى الله، احتسابا للأجر والمثوبة.
وفي الجانب التشريعي، نصت المادة الرابعة والعشرون، من النظام الأساسي للحكم، بأن: «تقوم الدولة بإعمار الحرمين الشريفين وخدمتهما، وتوفر الأمن والرعاية لقاصديهما، بما يمكن من أداء الحج والعمرة والزيارة بيسر وطمأنينة». كما نصت المادة الثالثة والثلاثون، على أن «تنشئ الدولة القوات المسلحة، وتجهزها من أجل الدفاع عن العقيدة، والحرمين الشريفين، والمجتمع، والوطن». نص واضح وصريح ومعلن، تؤكد من خلاله المملكة، أهمية العقيدة الإسلامية، والحرمين الشريفين، وأولويتهما من حيث الحماية، والرعاية، والإعمار.
تضمين النظام الأساسي للحكم، مادتين مرتبطتين بالحرمين الشريفين، يعكس أهمية حمايتهما وعمارتهما وخدمة ضيوف الرحمن، تقربا إلى الله سبحانه وتعالى وأداءً للأمانة، وتحملاً لمسؤولية خدمة الحرمين الشريفين.
وتشهد الممارسة العملية على أرض الواقع، وبرامج التنمية، استئثار مشاريع الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة بالأهمية والأولية للقيادة السعودية مقارنة بمشاريع التنمية الأخرى، كما أنها تميزت عنها بالاستدامة، بغض النظر عن متغيرات الإيرادات الحكومية، ومخصصات برامج التنمية، الخاضعة لمتطلبات ميزانية الدولة.
ومع إطلاق رؤية 2030 حظيت مكة المكرمة والمشاعر المقدسة بأهم برامجها التنفيذية، وهو «برنامج خدمة ضيوف الرحمن»، وتم إنشاء الهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، لضمان سرعة الإنجاز، وتكامل مشروعات التنمية، وجودتها، وفق رؤية تكاملية ومخطط شامل، ولضمان مواءمة مخرجات التنمية مع مستهدفات الرؤية.
جعلت المملكة عمارة الحرمين الشريفين، وتطوير المشاعر، في مقدمة أولوياتها التنموية، والتزاماتها المالية. مئات المليارات أنفقتها على توسعة المشاعر المقدسة، وتطويرها، وتحقيق أمن، وسلامة ضيوف الرحمن، تقربا إلى الله، وطمعاً في المثوبة والأجر، وفق رؤية إستراتيجية، ومراحل توسعة تكاملية. أكثر من 375 مليار ريال أنفقتها الحكومة لتطوير الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة. وما زالت الميزانيات السخية تعتمد لاستكمال برامج التطوير ومشروعات التنمية الخاصة بالحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، وبما يؤكد التزام القيادة الراسخ بخدمة الحرمين الشريفين ورعاية ضيوف الرحمن، واعتبارها مسؤولية تاريخية وشرفًا عظيمًا، لا يوازيه شرف.