د.محمد بن عبدالرحمن البشر
يوم الثلاثاء الماضي كان يوما مميزا للمملكة العربية السعودية، فهو يشير إلى قيام وطن بقيادة المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، وهو يعني نقلة كبيرة من دويلات المدن إلى دولة عصرية ذات كيان واحد، بعد أن كان الشتات والاقتتال بين دويلات المدن قائما، والصراع بين القبائل سائدا، فجمع الملك عبدالعزيز رحمه الله الناس وألف بينهم، وزرع المحبة والتعاون أساسا لبناء هذا الوطن الذي نراه متواصل الشموخ حتى وقتنا الحاضر، وإن كان هذا اليوم يحكي قيام دولة فإن التأسيس يمتد مئات السنين، ولم تخل المسيرة من التحديات الداخلية والخارجية، لكن وبفضل من الله تم التغلب عليها بالحكمة والمصابرة والاجتهاد والاعتماد على الله في هذه المسيرة المباركة، وخلال أعوامها الممتدة كانت المملكة محل تقدير الدول القريبة والبعيدة لما تمتع ويتمتع به قادتها من حكمة وسخاء.
بعد وفاة الملك المؤسس رحمه الله تعاقب على قيادة هذه البلاد عدد من الملوك، حتى هذا العهد الزاهر الذي تعيشه المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان حفظهما الله، فكانت نقلة نوعية في أسلوب الإدارة المنبثقة من رؤية واضحة حققت الكثير، ولم تتأخر القيادة في جلب أعلى درجات التقنية وتبنيها رغم المشاق حتى أصبحت المملكة من أكثر الدول استفادة منها في التعاملات الحكومية إن لم تكن أكثر الدول تقدما في هذا المضمار، وما زالت سائرة وعلى عجل ودقة لجلب كل ما هو جديد للاستفادة منه، ومن يعيش في المملكة اليوم من مواطن ومقيم سيجد أن معظم معاملاته يتم إنجازها من منزله وبأسرع وقت، فيكسب المرء الوقت والجهد ويتجنب العناء، كما سيرى من يعيش في المملكة الصروح التي تقام هنا وهناك، والعمل المتواصل لعمل المزيد مع بنية تحتية متينة تسهل سرعة الانطلاقة لتحقيق طموحات ليس لها حدود.
وما يضمن استمرار هذا السيل المتدفق من الإنجازات هو الأمن والحمد لله الذي يضرب به المثل، ومن رأى الأمن في دول متقدمة أوروبية وأمريكية وغيرهما، وقارنها بما هو قائم متحقق في المملكة سيجد بونا شاسعا، فبعض منا يترك باب منزله مفتوحا في المساء والفجر ويذهب إلى المسجد ونحوه قرير العين مطمئنا، وهذه نعمة عظيمة فمن بات آمنا في سربه معافى في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا، ولم يتحقق ذلك إلا بجهد كبير جندت له عقول ومال وتقنية وإعلام وعدل وكذلك تكاتف المواطنين والمقيمين في الحفاظ على أمن هذا الوطن الكريم، فضلا عن خدمة تلك الأعداد الكثيرة من الحجاج والمعتمرين الذين تقدم لهم وسائل الراحة والأمن، وتوفير المأكل والمشرب بلا حدود، وكذلك توفير الإقامة وتنظيم هذا الكم الهائل من زوار بيت الله.
يبقى أن نشير إلى أن اليوم الوطني لهذا العام تزامن مع رئاسة المملكة مع فرنسا لحل الدولتين في فلسطين، والذي تحقق والحمد لله واعترفت دول فاعلة كثيرة بدولة فلسطينية، والحق يقال إن الجهد الذي بذل من قبل المملكة آتى أكله بسرعة وبنجاح باهر، ولولا ذلك السعي من المملكة لما حدث ما حدث ورأينا كيف كان المنظر الرائع في الأمم المتحدة، والذي يعد وشاحا تقلدته المملكة وانفردت به لتحقيق ما كان من المستحيل تحقيقيه لولا هذه الدبلوماسية المتزنة ولما تتمتع به قيادة المملكة العربية السعودية من ثقل عالمي، جعلت هذا الإنجاز الكبير يتحقق على أحسن وجه لهذه القضية الشائكة والصعبة والممتدة لأعوام عديدة، وعلينا أن نشير إلى أن جهود المملكة لا ينحصر في القضية المركزية وهي القضية الفلسطينية بل تمد إلى قضايا متعددة في دول كثيرة في العالم.