علي حسين (السعلي)
يقول الفيلسوف السعودي قدّس الله حرفه في إحدى تغريداته :
« إذا تعطلت الحلول أمامك ارجع لفطرتك
ودعها تفتح لك باباً كنت غافلاً عنه …»
واردفها بتغريدة ثانية ردا على أحد التعليقات بقوله:
« استنهاض الفطرة عمل ذاتي
ولكل منا موجبات فطرته
ولا يصح طرح أمثلة جاهزة وإلا ستكون حلولاً جاهزة»
وتوقفت قراءة عند رد هدى الشريف حيث كتبت على نفس تغريدة العلاّمة الغذامي :
« كلام عميق، الفطرة تشبه الصفحة البيضاء الأولى في رواية الكاتب، هي الأصل الذي نعود إليه دائماً حين تزدحم الصفحات بالأفكار المعقدة العودة إليها ليست حلاً فقط، بل هي بداية جديدة». انتهى .
سبحان الله على فيلسوفنا على كلمات لا تتجاوز السطرين لكن تأثيرها على من قرأها وفي ذاته كـ سماع انفجار إطار سيارة في ليل مزدحم أيقظك وأنت مركز في القيادة، إن ما كتبه الغذامي في هذه التغريدة لم يكن جديدا حقيقة، فكلمة الفطرة سمعناها وقرأناها كثيرا طويلا وغزيراً كحديث النبي، عليه الصلاة والسلام :
( قالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ما مِن مَوْلُودٍ إلَّا يُولَدُ علَى الفِطْرَةِ، فأبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أوْ يُنَصِّرَانِهِ، أوْ يُمَجِّسَانِهِ، كما تُنْتَجُ البَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ، هلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِن جَدْعَاءَ، ثُمَّ يقولُ الله تعالى في كتابه الكريم {فِطْرةَ اللَّهِ الَّتي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا}
لكن استخدام مفردة « الفطرة « من قبل الغذامي وصياغتها بهكذا شكل كتابي تعدّ واحدة من أعمق وأدق الكتابات أو التغريدات « الأكسية « من حيث سؤال طرأ على بالي الآن :
كيف تجعل من كلمات بسيطة عميقة وتلفت الانتباه وتجذب عباقرة القرّاء يتلهفون في الرد عليها والتعليق والمداخلات؟!
نعود الآن إلى استحلاب التغريدة هنا وكتابتها :
« إذا تعطلت الحلول أمامك ارجع لفطرتك ودعها تفتح لك باباً كنت غافلاً عنه…»
عمق هذه الكتابة الغرامية التي تغازل القلب حيث تعجب بها العين، نناقشها من خمسة أمور:
تعطيل الحلول
الرجوع للفطرة
أمامك
بابا
الغفلة
فكلنا أو بعضنا تصيبنا الغفلة من حيث ندري أو لا نعلم دولاب حياتنا هكذا يسير بنا عنوة نحو الركض لسباق لا نهاية له للأسف وحين نتوقف لا باختيارنا على كل حال عند جدار صلب أصعب من جدار برلين ويأجوج ومأجوج
نحزن ويتوقف التفكير نصبح متبلدين نندب الحظ ونعسف الواقع ونلوي عنق الحقيقة ويتعطل العقل تماما ونضع أيدينا على خدّنا عند أمواج بحر نشهق مع مدّه وزجره دون حلول لدينا، أليس كذلك؟!
إذا نحن أمام تعطل العقل ثم الفكر وأخيرا التبلّد وندب خدي الحظ ولا حلول لدينا في غفلة مِنّا، هنا جاءت جمال وعمق وزهور وبساتين ما كتبه علامتنا السعودي عبد الله الغذامي في حديقة أفكارنا بعبارة واحدة فقط :
« ارجع لفطرتك ..» نعم الرجوع إلى الفطرة هو العودة الأولى لإرهاصات طفل في بطن أمه يسمعها وهي تقرأ وتسلي وقتها بصوتها غناءً وتذكر ربها في صلاتها...
ارجع لفطرتك
لأول حرفٍ تكتبه وتسمعه وتطرب أذنك لسماعه منك ومن غيرك
ارجع لفطرتك
التي تحتضنها أمك حبّا وتلبّسك بعد استحمام دام دقائق..
ارجع لفطرتك
وأنت تشاهد حماماتك تطير في غمام صافية ورياح باردة ونسمات عليلة وفيها حمام يتقلب كمصارع في حلبته ينتظرك استعراضا قوة خصمه..
ارجع لفطرتك
حيث المكان الأوّل في حارتك مع اقرانك تلعبون لعبة القفز بين المربعات، لعبة الحصى وادخالها بين راحة اليد
ارجع لفطرتك
حيث الطفولة النقية المسالمة التي لم تخدشها عبث المراهقة وعنفوان الشباب..
كلنا نحتاج العودة إلى فطرتنا حيث النقاء والصفاء والسلام..
عودا إلى الفطرة كما قال أستاذي الغذامي التي فطر الناس عليها لتفتح لي ولكم أبوابا من الحلول المستعصية..
سطر وفاصلة
فيلسوفنا العلامة السعودي: سؤال ما شاء الله تبارك الرحمن:
من أي ماء تشرب، ومن أي حرف تقرأ، ومن أي كتاب تهضمه ؟
لتحرك في قارئك ومحبك ومعجبك فنون القتال حين يقرأ منشوراتك خصوصا هذه! تجعلنا نقف مندهشين: هل هذا نص مقدّس- استغفر الله- أم حرف بشر تبارك ربي فيه مثلنا يقرأ ويفكر ويكتب..
شكرا؛ لأنك هنا أطال الله حرفك وعمرك.