عايض بن خالد المطيري
اليوم الوطني السعودي ليس يوم فرح لحظي أو إجازة احتفالية عادية، بل هو مناسبة وطنية خالدة يستعيد فيها السعوديون أمجاد تاريخهم ويستشعرون نعمة الوحدة والأمن والرخاء تحت راية قيادة حكيمة صنعت حاضرًا مشرقًا ورسّخت دعائم مستقبل واعد.
إنه يوم يذكّرنا أن بناء الأوطان لا يتم بالشعارات، بل بالوفاء والالتزام والعمل، وأن صيانة المكتسبات الوطنية مسؤولية تتناقلها الأجيال جيلًا بعد جيل. وهو أيضًا فرصة ذهبية لتعليم الأبناء قيمة الوطن وتعريفهم بنعمه وحقوقه وواجباته تجاهه، ليكبروا وهم يدركون أن حب الوطن والتزام الأمن جزء من حياتهم اليومية، لهذا علموا أبنائكم.
علّموا أبناءكم أن نعمة الأمن لا تُشترى ولا تُقاس بثروة، فهي رأس المال الحقيقي الذي تُبنى عليه الحياة. من عاش الخوف والاضطراب، يدرك أن الأمان أثمن من كل كنوز الدنيا.
علّموا أبناءكم أن العدل نعمة كبرى، وأنهم يعيشون في دولة تُقيم الحق بالشريعة وتحفظ للإنسان كرامته. ذكّروهم أن ملايين البشر في دول متقدمة يبيتون في الشوارع بلا مأوى، بينما وطنهم لم يعرف يومًا مشهد المشردين.
علّموا أبناءكم أن ما ينعمون به من تعليم ورعاية صحية وأمن وخدمات تنموية هو نتاج رؤية وتخطيط وتضحيات. ذكّروهم أن هذه المنجزات لا تُبنى بالصدفة، بل بعمل متواصل، وأن الحفاظ عليها واجب وطني لا يقل قداسة عن صون الحدود.
علّموا أبناءكم أن احترام الوطن واجب، وأن القرارات حين تُتخذ إنما تُبنى على مصلحة عامة لا على نزوة فردية. لا تجعلوا التذمر أمامهم عادة، فالكلمة العابرة قد تزرع استخفافًا أو شكًا في نفوسهم. اجعلوا أحاديثكم عن القرارات درسًا عمليًا في الثقة والالتزام.
علّموا أبناءكم أن الولاء والطاعة لولاة الأمر قوة تحافظ على وحدة الصف وتصون الكيان. الوطنية ليست شعارًا للاحتفالات، بل عهد التزام لا يُمسّ.
وعلّموهم أن هناك بيعة شرعية في أعناق الجميع والتزامًا دينيًا أصيلًا، هي عقد وولاء يعقد بين “أهل الحل والعقد” من العلماء والوجهاء والقادة وبين ولي الأمر على السمع والطاعة في المعروف، ليتولى شؤون الأمة الدينية والدنيوية، وينشر العدل، ويحفظ الحقوق، ويمنع الفتن. وعلى عموم الناس الالتزام بما تُقرّره هذه البيعة.
وعلّموهم أيضًا أن البيعة التزام بالطاعة في المنشط والمكره، والعسر واليسر، وأنها سبب عظيم لتحقيق مقاصد الشرع من إقامة الدين وتطبيق أحكامه، وهي الضمانة الكبرى لوحدة الأمة وتماسكها واستقرارها. ولهذا، إذا بايع أهل الحل والعقد ولي الأمر، صارت البيعة واجبة على الجميع.
علّموا أبناءكم أن حب الوطن لا يقتصر على الأناشيد والصور، بل يبدأ من احترام النظام، وصون الممتلكات العامة، وأداء الواجب بإخلاص. وأن الوطنية سلوك يومي ينعكس في التفاصيل الصغيرة، لا شعارات تُرفع في المناسبات ثم تُنسى. علّموا أبناءكم أن التذمر والسخرية لا يصنعان وعيًا، بل يهدمانه. أرشدوهم إلى أن الوطنية لا تعني الغياب عن الرأي، لكنها لا تسمح بالعبث بمكانة الوطن أو النيل من هيبته وقيادته، والوطنية ليست شعورًا موسميًا، بل عهد متجدد وأمانة عميقة تورَّث من الآباء إلى الأبناء.
علّموا أبناءكم أن حب الوطن لا يُقاس بالكلمات وحدها، بل يُترجم بالأفعال، وبالاستعداد لحمايته وصون مكتسباته، ليبقى عاليًا بهيبته، ثابتًا في جذوره، ممتدًا في عطائه عبر الأجيال.