د.م.علي بن محمد القحطاني
حب الوطن عقيدة وغريزة من الفِطر التي جُبل عليها الإنسان فما بالكم إذا كان الوطن هو المملكة العربية السعودية فسيتحول إلى عشق وشغف.
إن احتفال مملكتنا الغالية بهذه المناسبة يمنحنا الفرصة للتعبير والاعتزاز والفخر بانتمائنا لهذه الأرض الطاهرة ويعيد التأكيد مجدداً على تلاحم أبناء هذا الوطن المعطاء واعتزازهم بماضيهم وحاضرهم وتطلعهم إلى مستقبل مشرق في ظل الرعاية الكريمة من لدن سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز رئيس مجلس الوزراء حفظهما الله جميعاً،
ماض تليد حاضر مجيد ومستقبل مشرق مزدهر واعد بالمجد والعطاء ففي ذكرى اليوم الوطني السعودي الـ95 لا بد من أن نقف وقفة تقدير وامتنان للمسيرة التي بدأها جلالة الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه- بما قدمه من تضحيات وحققه من إنجازات في توحيد المملكة، لقد توالت الإنجازات الرائدة بعدها حتى أصبحت المملكة العربية السعودية عنواناً للنمو والابتكار والاستقرار، مما يعكس رؤية طموحة لمستقبل مشرق يحفظ التراث ويُمْكِن الإنسان من العطاء ويسهم في رفاهية المجتمع السعودي في كل عام تحل علينا ذكرى اليوم الوطني الذي يذكرنا بمعنى الانتماء لهذا الوطن العزيز. واليوم الوطني هو ذكرى إعلان توحيد البلاد تحت اسم المملكة العربية السعودية في 23-9-1932م فهو يعد مناسبة مهمة لرفع الوعي حول تراث وثقافة المملكة العربية السعودية وتاريخها العريق. وتتكرر هذه المناسبة كل عام لتذكيرنا بما فعله الملك المؤسس -رحمه الله- ومن بعده أبناؤه البررة ومن معهم من الأوفياء لتوحيد هذا الكيان تحت راية واحدة والمضي بها في طريق النماء والتطور والبناء
تحل ذكرى اليوم الوطني (95) لهذا العام ذكرى ملحمة التحدي والتوحيد التي خاضها الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود -طيب الله ثراه- صانع هذه المعجزة التي تجلت في بناء الإنسان السعودي والبناء التنموي الشامل. ففي مثل هذا اليوم أعلن المؤسس -رحمه الله- توحيد المملكة العربية السعودية حيث بايعه الشعب على السمع والطاعة والإخلاص لبناء الوطن وحمايته وصونه والسير به نحو التقدم الحضاري والإنساني. وكان منهجه -رحمه الله- كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم حيث وضع لبناتها الأولى وواصل أبناؤه البررة من بعده استكمال البنيان ومواصلة المسيرة.
إن من فضل الله ونعمته على هذا الوطن المبارك، أن هيأ له قادة أوفياء، وحكاماً حكماء، جعلوا رضا الله غايتهم، ومصلحة الوطن والمواطنين من أبرز اهتماماتهم، ولا شك أن هذه الوحدة الوطنية التي بدأ مسيرتها الإمام المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن -طيب الله ثراه- أعظم وحدة عرفها التاريخ المعاصر وبسببها تحقق لهذا الوطن الأمن والأمان، والتقدم والنماء، وذلك بفضل الله -عز وجل- ومنته ثم بما بذله قادتنا المخلصون الأوفياء من جهد وما أخذوا به من أسباب. فكانت وحدة لا غلو فيها ولا تطرف ولا إفراط ولا تفريط بل وسطية واعتدال.
إن هذه المناسبة العظيمة تمثل استشعاراً لأهمية الوطن وترسيخاً لمحبته وعرفاناً بفضله واعتزازاً بمكانته المرموقة عالمياً التي وصل إليها بفضل قياداته الحكيمة التي لم تأل جهداً في العمل في كل ما من شأنه رفعة الوطن وخدمة المواطن منذ أن بدأت مسيرتها في عهد المؤسس وسار على نهجه أبناؤه الملوك البررة لهو نموذج يحتذى به للاستقرار السياسي والنماء الاقتصادي الذي لم يكن ليتحقق لولا فضل الله ثم العلاقة الوثيقة والعميقة والحب الكبير الذي يربط القيادة الحكيمة بالشعب الوفي.
وهي مناسبة للتأمل واسترجاع ما كنا عليه وما أصبحنا ننعم فيه الآن من خير وأمن يدفعان مسيرة التنمية والتطوير والإصلاح والتي نشهدها في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين، لتحقق لنا من الإنجازات التنموية في كافة المجالات ما نفتخر به جميعاً.. فاذا كان ديننا الإسلام ووطننا المملكة العربية السعودية فأي فخر وأي اعتزاز وأي مجد بعد ذلك ننشد.
وهذا اليوم يعكس المكانة المتميزة والمرموقة لهذا الوطن العظيم التي يغبطنا عليها الكثير، مما يحملنا مسؤولية كبيرة للتضحية من أجله فهنيئاً للشعب بقيادته الحكيمة وللقيادة بشعبها الوفي.
عاشت بلادنا وهي تؤمن بحقيقة لا تقبل الجدل والمتمثلة في التمسك بالعقيدة السليمة لتحقيق التلاحم الوطني، ولم تتحقق هذه المسلمات إلا من إحساسنا بالوحدة الوطنية، التي تعني ضمن ما تعنيه قيام روابط قوية بين المواطنين مبنية على عناصر واضحة يشعر بها الجميع، ويؤمنون بها، ويستعدون للتضحية في الدفاع عنها. ولم لا يكونون كذلك وهم يجتمعون تحت سماء وفوق أرض وطن هو مهبط الوحي وأرض الرسالة وقبلة المسلمين ومثوي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وما تبع ذلك من إقامة دعائم الوحدة الشاملة وتحقيق التلاحم الوطني كدولة معاصرة تهتم بمسيرة البناء والتنمية الشاملة وخططها المتعاقبة، والانفتاح على مصادر المعرفة بمختلف أنواعها من ابتعاث لأبنائها، وتأسيس للمؤسسات التعليمية الكبرى لإعداد الناشئة وتهيئتهم لمواجهة المستقبل، والتجاوب مع الطموحات والتطلعات الوطنية. وعزز هذا التلاحم العدالة الاجتماعية، التي تنظر إلى جميع أفراد المجتمع سواسية في الحقوق والواجبات دون تفريق مناطقي أو عرقي، يؤطرهم مبدأ تكافؤ الفرص، والتوزيع المتوازن للتنمية الشاملة بجوانبها المختلفة، ثم تأتي التشريعات والأنظمة واللوائح المنظمة لحياة هذا المجتمع والمستمدّة من كتاب الله وسنة رسوله. كما يعزز هذا التلاحم الوعي بالإرث الحضاري وما نتج من أحداث تاريخية مميزة للدولة السعودية، وحكامها، ومواطنيها، وقيام الدعوة الإصلاحية التجديدية، وبناء الدولة على الإسلام بما يحقق الاعتزاز بالتميز الحضاري التاريخي للمملكة، والجمع بين الأصالة والمعاصرة، والتأكيد على قيم العلم ومنجزاته، والقدرة على التغيير والتغير، التي هي الأساس لاستمرار محافظتنا على هويتنا الإسلامية والثقافية.
وهذه اللحمة الوطنية المتوارثة رسخها ما تقوم به قيادة هذه البلاد من اعتماد مبدأ صناعة الإنسان، فهو هدفها وغايتها، والأداة الفاعلة لتنفيذ برامجها ومشروعاتها. فالإنسان أساس أي بناء أو تقدم أو تطور، وهو السبيل الوحيد لانطلاقة البناء ورسوخه وتطويره، فالإنسان السعودي يحتل مكانة متميزة في فكر وعقل القيادة، فعمليات بنائه خير استثمار للمستقبل، وهو الأساس الذي يعزز من هذه اللحمة الوطنية والتلاحم الفريد.
ولقد أدركت رؤية المملكة 2030 هذه الحقيقة، فوضعت في مقدم أولوياتها لبناء شعب سعودي طموح العناية بالشباب، وتوجيههم للرفع من إسهامهم في تنمية الوطن ليصبحوا قادرين على مواجهة تحديات الحاضر، ومستجدات المستقبل. وترتفع هذه الطموحات إذا أدركنا مدى التلاحم والولاء بين القيادة والشعب، الذين يعيشون معًا في بوتقة واحدة، يجمعهم الأمل للمستقبل المشرق لهذا الوطن. ما مثلك في ها لدنيا وطن.
ختاماً: أسأل الله أن يحفظ خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين والشعب السعودي الكريم وأن يعيد علينا هذه المناسبة التاريخية وبلادنا تنعم بالأمن والأمان والنصر والازدهار.