ناصر زيدان التميمي
السجود، تلك اللحظة التي يضع فيها الإنسان جبهته على الأرض، هي أعمق لحظة عبودية وتواضع. إنها ليست فقط ركناً في الصلاة، بل هي ذروة الخضوع، وبوابة القرب من الله. إنها اللحظة التي يتخلى فيها الإنسان عن كل غرور، ويعترف بضعفه المطلق أمام عظمة الخالق.
في السجود، لا تحتاج الكلمات لتصل إلى السماء. إنها لغة القلوب الخضوع والانكسار، والتضرع الذي يتجاوز كل الحواجز. حين تلامس جبهتك الأرض، فأنت لا تسجد لها، بل تسجد لرب الأرض والسماوات. في تلك اللحظة، تشعر وكأنك تنفض عنك كل هموم الدنيا، وتجد في القرب من الله طمأنينة لا مثيل لها.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا فيه من الدعاء». هذا الحديث ليس فقط وصية، بل هو دعوة إلى استغلال هذه اللحظة الثمينة. إنها فرصة لأن تُفرغ قلبك من كل ما يثقله، وأن تطلب من الله ما تشاء، بيقين أن الدعاء في السجود لا يُرد.
السجود يعلمنا أن العزة ليست في الكبرياء، بل في التواضع. وأن القوة الحقيقية تكمن في الاعتماد على الله، لا على النفس. إنها رسالة بأننا مهما بلغنا من القوة والمال، فنحن لا نساوي شيئًا بدون عون الله وفضله.
السجود ليس فعلاً يؤديه الجسد، بل هو حالة روحية يعيشها القلب. إنه رحلة قصيرة من الأرض إلى السماء، من الضعف إلى القوة، من اليأس إلى الأمل. فإذا ما سمعت الأذان، وسمعت «حي على الصلاة»، فبادر إلى السجود، ففيه راحتك، وقربك، وسعادتك في الدنيا والآخرة.