د. أحمد محمد القزعل
يقول جون ديوي: «التعليم يجب أن يكون أداة للحرية والمساواة، حيث يُمنح كل طفل الفرصة لتحقيق إمكانياته الكامنة»، فالمساواة بين الطلاب هي من القيم الأساسية في النظم التعليمية الحديثة، وهي تشكل حجر الزاوية لتحقيق بيئة تعليمية عادلة وفعالة، ومن المهم أن يتمتع جميع الطلاب بفرص متساوية في التعلم والنمو، بغض النظر عن خلفياتهم الاجتماعية أو الاقتصادية، ولكن في بعض الأحيان قد يواجه الطلاب مشكلة سوء التقدير لأدائهم، سواء أكان ذلك نتيجة لتفاوت في المعاملة أو عدم وضوح المعايير المستخدمة في التقييم.
بدايةً، فإن المساواة بين الطلاب تعني منح جميع الطلاب الفرص المتساوية للتعلم والنمو دون تمييز أو تفرقة بناءً على الجنس أو العرق أو الدين أو الوضع الاجتماعي، والمساواة تعني تكييف الظروف والموارد لتلبية احتياجات كل طالب بشكل خاص، وضمان أن جميع الطلاب يمكنهم الاستفادة من التعليم بشكل عادل، وبالتالي تنمية قدراتهم ومهاراتهم بما يتناسب مع إمكانياتهم، وإن المساواة بين الطلاب تُعتبر من المبادئ الأساسية في حق التعليم، وهي جزء من حقوق الإنسان التي يجب أن تتضمنها الأنظمة التعليمية في مختلف أنحاء العالم. لكن سوء التقدير لأداء الطلاب هو حالة يحدث فيها تقييم غير دقيق أو غير منصف لأداء الطالب في التعليم، وقد يحدث ذلك عندما يتم استخدام معايير غير عادلة أو غير واضحة لتقييم الطلاب، أو عندما تتأثر التقديرات بعوامل خارجية مثل التحيز الشخصي للمعلم أو عدم مراعاة الاختلافات الفردية في أساليب التعلم، حقيقة إن سوء التقدير قد يؤدي إلى تأثيرات سلبية على ثقة الطلاب في أنفسهم وقدرتهم على التفوق وقد يعزز الشعور لديهم بالإحباط والإقصاء، هذا وسوء التقدير يمكن أن يظهر في أشكال متعددة مثل: التقدير غير الدقيق للمهارات حيث لا يتم تقدير مهارات الطالب بشكل صحيح، والتحيز في التقييم حيث يتم تقييم الطلاب بشكل غير عادل بناءً على تحيزات ثقافية أو اجتماعية، واستخدام أساليب تقييم غير ملائمة مثل الاعتماد على الاختبارات التقليدية فقط وعدم مراعاة الأنماط المتنوعة للتعليم.
إن المساواة بين الطلاب تعد من الركائز الأساسية التي تساهم في بناء بيئة تعليمية صحية ومثمرة ولا بد من: تعزيز العدالة والفرص المتساوية فعندما يتم تطبيق المساواة بين الطلاب يحصل كل طالب على فرصة متساوية للتعلم والنمو، وهذا يساهم في تقليص الفجوات التعليمية بين الطلاب المختلفين، كذلك عندما يشعر الطلاب أن جميعهم يعاملون على قدم المساواة يزداد تحفيزهم للتميز الأكاديمي، كما تساهم المساواة بين الطلاب في التقليل من مشاعر التفرقة والتمييز داخل الصف الدراسي وهذا يؤدي إلى خلق بيئة تعليمية شاملة تحتضن جميع الطلاب بما في ذلك ذوي الاحتياجات الخاصة أو الطلاب من خلفيات ثقافية واجتماعية متنوعة.
وتتطلب المساواة بين الطلاب وجود العديد من الأسس والمقومات لتحقيقها ذلك النجاح في البيئة التعليمية، ومن أهم هذه الأسس: التعليم القائم على التقدير الفردي الذي يتيح للمعلمين أن يقدموا تعليماً يتناسب مع قدرات كل طالب ويعزز نقاط القوة لديهم، مع الأخذ في الاعتبار احتياجات كل طالب على حدة، ومن المهم إزالة الحواجز الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي قد تمنع الطلاب من الحصول على نفس الفرص التعليمية، مع توفير فرص متساوية ويتعين على المدارس ضمان أن جميع الطلاب بغض النظر عن خلفياتهم أو قدراتهم، يتمتعون بفرص متساوية في الوصول إلى الموارد التعليمية مثل التكنولوجيا والأنشطة المدرسية والتوجيه الأكاديمي، ويجب على الأنظمة التعليمية تضمين المساواة في جميع مجالات التعليم بما في ذلك المحتوى التعليمي والمناهج الدراسية وطريقة التدريس، ومن الضروري تدريب المعلمين على كيفية تطبيق المساواة في التقييم والتعامل مع الطلاب بشكل عادل.
ولتطوير المساواة بين الطلاب ومعالجة مشكلة سوء التقدير لأداء الطلاب لا بد من: التقييم الشامل حيث يجب على المدارس تطبيق أساليب تقييم متعددة مثل التقييمات المستمرة والمشروعات لتجنب الاعتماد على اختبارات تقليدية فقط، وأهمية العمل على تدريب المعلمين على كيفية تقدير الأداء بموضوعية وتقديم تعليقات بناءة تساهم في تطوير الطلاب، ويجب استغلال التكنولوجيا لتوفير تعليم مخصص يناسب احتياجات كل طالب ويسهم في تحقيق المساواة في التعليم، ويجب على المدارس تشجيع التنوع في المواد التعليمية والمناهج الدراسية بما يتناسب مع احتياجات جميع الطلاب، كما يمكن للآباء والمجتمع المحلي أن يلعبوا دوراً في تحسين المساواة في التعليم من خلال تشجيع التعاون بين الطلاب والمدارس.
ومن نافلة القول: فإنه لابد من أن تركز الأنظمة التعليمية على ضمان حصول جميع الطلاب على فرص متساوية في التعلم والنمو، مع تجنب أي شكل من أشكال التمييز أو التحيز، ولعل تحقيق المساواة بين الطلاب يتطلب من المعلمين والإداريين الالتزام بمعايير عالية من العدالة والشفافية في التقييمات وتوفير بيئة تعليمية شاملة، وبما ذكر يمكننا تحسين فرص النجاح لجميع الطلاب وتعزيز ثقافة الإنصاف والمساواة في المدارس.