محمد المقهوي
صدمني استهجان مدير التوظيف في إحدى الشركات عندما أبحت له بأنني استخدم الأدوات المساعدة في حياتي اليومية والعملية، حدث ذلك حين كنت في إحدى مقابلات العمل التي اعتدت الخوض فيها بشكل شبه أسبوعي خلال رحلة البحث عن وظيفة، كان سؤاله بسيطا جدا وهو هل تستطيع كتابة تقارير بعد انتهاء كل نوبة؟ حينها أجبت بأن كتابة التقارير أمر سهل جدا، وفي العادة أنا أكتب نقاطا موجزة حول النوبة وبعدها أرسل النقاط إلى برنامج الذكاء الاصطناعي الذي بدوره يكتبها بتقرير احترافي وعندها أرفق هذا التقرير في النظام الخاص بالشركة، حينها دارت بعض الأحاديث التي بينت مدى انزعاج مدير التوظيف من إجابتي لدرجة أنه سألني سؤالا ينم عن مدى التناقض في التعاطي مع التقنية، حيث قال: لو فرضنا أنك لا تستطيع الوصول إلى برامج الذكاء الاصطناعي لأي سبب من الأسباب؛ كيف ستقوم بكتابة التقرير؟ أجبته بأني سوف أكتبه بنفسي دون أدوات المساعدة.
انتهت المقابلة ولكن لم ينته تعجبي من حالة تتكرر وهي رفض عديد من جهات العمل أن يقوم الموظف باستخدام برامج الذكاء الاصطناعي على الرغم من توجه كبرى الشركات بالاستغناء عن جيش من الموظفين بسبب تطور الأدوات المساعدة، ودائما يتكرر نفس التبرير وهو أن الموظف في حال اعتاد استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي سوف يفقد مهاراته الشخصية ولو حدث وتوقف عمل البرنامج لن يستطيع الموظف إتمام مهامه بجدارة، هذا التبرير نفسه كان يتم استخدامه بداية دخول أجهزة الكمبيوتر في الحياة العملية حيث كانت جهات عديدة ترفض استبدال الأسلوب التقليدي من ناحية الكتابة اليدوية على دفتر عملاق معرض للتلف بكوب ماء فقط بتبرير أن لو تعطل الجهاز أو انقطعت الكهرباء سوف يتوقف العمل! وبعد ذلك تكرر الأمر عندما دخلت الأنظمة الحديثة في الساحة وأصبح ضرورة في مجال العمل استخدام نظام سحابي يمكن للموظف استخدامه أي في وقت وأي مكان ويمكن صاحب العمل والإدارة من مراقبة سير العمل دون ضرورة الحضور، حينها كان الرفض بداعي لو أن تعطل السيرفر أو هناك مشكلة في الإنترنت كيف ندير عملنا ونحن نعتمد اعتمادا تاما على الشبكة! وأخيرا بعد تطور أدوات الذكاء الاصطناعي وتمكنها من أداء الكثير من المهام واختصار الوقت والجهد والتكاليف يعود نفس الرفض لنفس الأسباب؛ ماذا لو انقطع الإنترنت أو توقف البرنامج لأي سبب من الأسباب؟
هناك عديد من الأجوبة المنطقية والدوافع التي تجعل من الضرورة استخدام الأدوات المساعدة على الرغم من وجود سلبيات أبرزها أن نسبة الإنجاز سوف تكون أعلى من نسبة التعطل في حال توقف البرنامج ولكن لأن السؤال غير منطقي فلذلك لن يكون الجواب المنطقي صحيحا؛ يسأل المعارض للذكاء الاصطناعي: ماذا لو تعطل البرنامج المساعد الذي تستخدمه لكتابة التقارير لوضعها في نظام الشركة؟ الجواب: لو تعطل البرنامج المساعد سوف يكون هناك بدائل غير معدودة ولكن ماذا لو تعطل نظام الشركة أو انقطع الاتصال؟ فبالتالي أن هناك إمكانية للعطل التقني في أي جهاز أو برنامج وهذا لا يعطي ذريعة لإلغائه كما أن قد يحدث لو أن الموظف أصيب بوعكة صحية توقفه عن العمل، وعليه فإن مواكبة التقنية والتطور هي أساس لدفع العمل للأمام وعدم مواكبتها هي دفع للخلف.