نجلاء العتيبي
هذا الشاب الطموح مُتسلِّح بأدواته العلمية ومعرفته الواسعة، يستعدُّ بخطوات واثقة لدخول قطاع التعدين، حيث ينسج طموحه مع تطلُّعات وطنه؛ ليصنع أثرًا يُعزِّز المستقبل.
تعيش المملكة العربية السعودية تحولًا تاريخيًّا في استثمار ثرواتها الطبيعية، مدفوعةً برؤية 2030 الطموحة، التي لم تعُدْ تركِّز فقط على النفط كمصدر أساسي للدخل، بل تتجه نحو تنويع الاقتصاد، وفتح آفاق جديدة لاستغلال المعادن. يُمثِّل قطاع التعدين ركيزةً أساسية في هذا التوجُّه الجديد، حيث إن المملكة تتمتَّع بثروات معدنية هائلة، تمتدُّ من الذهب إلى الفوسفات، ومن النحاس إلى الزنك، هذه الثروات لا تُعد فقط مصدر دخل اقتصادي، بل فرصة إستراتيجية لتحويل المملكة إلى مركز عالمي لصناعة التعدين المتقدمة.
المعادن ليست مجرد موارد طبيعية، بل هي بوابة لتحقيق قفزات نوعية في التنمية، تحتوي أراضي المملكة على احتياطيات هائلة تُقدر بمليارات الدولارات، وتضمُّ ما يزيد عن 48 نوعًا من المعادن بعضها نادر على المستوى العالمي، ومن خلال مبادرات مثل «برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية»، يتمُّ العمل على الاستفادة من هذه الموارد بشكلٍ مستدامٍ بما يُسهم في تقليل الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل.
لكن استخراج هذه الثروات يتطلَّب تكنولوجيا متقدمة، وكفاءات قادرة على التعامل مع تعقيداتها؛ ما يُبرز أهمية الاستثمار في تطوير القدرات البشرية، وخاصَّة الشباب السعودي القوة المحرِّكة للابتكار والتقدُّم، ومحور التحوُّل الاقتصادي، فهم الطاقة الحيوية التي تستند إليها المملكة في تحقيق أهدافها، ويُشكِّل انخراطهم في قطاع التعدين نقلة نوعية، حيث إنهم لا يحملون فقط طموحات كبيرة، بل أيضًا يملكون القابلية لتبنِّي التكنولوجيا الحديثة والابتكار.
فالجامعات السعودية والمعاهد التقنية أصبحت اليوم أكثر تركيزًا على إعداد جيل متخصص في علوم الأرض، والهندسة الجيولوجية، وإدارة الموارد الطبيعية، ومن خلال برامج تدريبية وشراكات مع مؤسَّسات عالمية يتمكَّن الشباب من اكتساب المعرفة والخبرة اللازمة؛ لتولِّي زمام المبادرة.
إن الثورة الصناعية الرابعة تُغيِّر قواعد اللعبة في كل القطاعات، وقطاع التعدين ليس استثناءً، فالتقنيات المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات الضخمة، والطباعة ثلاثية الأبعاد باتت تُشكِّل عنصرًا محوريًّا في تعزيز كفاءة عمليات التعدين، وتقليل أثرها البيئي.
فالشباب السعودي بفضل انفتاحه على هذه التقنيات أصبح قادرًا على تطوير حلول مبتكرة، ليس فقط لاستخراج المعادن، بل أيضًا لتحسين عمليات التصنيع، وضمان استدامة هذه الموارد، فالابتكارات تجعل المملكة مرشَّحة لأن تكون نموذجًا عالميًّا يُحتذى به في استغلال الثروات المعدنية بطريقة مسؤولة.
ولا يقتصر تطوير قطاع التعدين على الجانب الاقتصادي فقط هذه بل يمتدُّ ليشمل التنمية الاجتماعية والبيئية من خلال إستراتيجيات تهدف إلى تقليل الأثر البيئي لعمليات التعدين؛ فيتمُّ الحفاظ على التوازن بين استغلال الموارد وحماية البيئة.
الشباب السعودي بتعليمه الواعي، وثقافته المتنامية أصبح أكثر إدراكًا لأهمية هذه التوازنات، فهم يدركون أن نجاح قطاع التعدين لا يُقاس فقط بالمكاسب المادية، بل أيضًا بقدرته على تعزيز الاستدامة، وحماية حقوق الأجيال القادمة.
إن مستقبل المعادن في المملكة ليس مجرد حلم اقتصادي، بل إنها رؤية شاملة تهدف إلى بناء دولة قوية تعتمد على أبنائها وشبابها كعماد أساسي لتحقيق التقدُّم، فالثروات المعدنية ليست سوى البداية، بينما يكمن الإنجاز الحقيقي في قدرة الشباب على توظيف هذه الموارد؛ لتحقيق قفزة حضارية تُرسِّخ مكانة المملكة كقوة عالمية في مجال التعدين، ومثال يُحتذى به في استدامة الموارد الطبيعية.
-ضوء-
«المملكة ستكون وجهة العالم لصناعة وخدمات المعادن». - مجلة الإيكونيميست البريطانية.