د. ناصر بن عبد الرحمن الخنين
1 - أنّ توحيدَ المملكة العربية السعودية على يد الملك المؤسس: عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - طيّب الله ثراه وأكرم مثواه - وبيعتَه الشرعية - في المنشط والمكره - على كلمة «التوحيد» ولوازمها يعدّ هذا المُنجزُ من أعظم نعم الله علينا جميعاً، وجَعْلُها في عَلَمٍ خفّاق يرفرف في سماء هذه البلاد الشاسعة نعمة أخرى؛ تذكّر كلَّ مواطن ومقيم على أرضها بلوازم كلمة «التوحيد» العظيمة، ومقتضيات البيعة الشرعية المنعقدة لولي الأمر -حفظه الله- في اليوم الوطني، وفي سائر الأيام على مدار العام.
2 - أن كونَك تقيم في بلاد الحرمين الشريفين نعمةٌ متجدّدة ذات قيمة ذاتية؛ ينبغي أن تظهر آثارها الحسنة على ذاتك، وأولادك ومَن حولك؛ وذلك باستدامة شكر الله تعالى، والتعاون المثمر مع رجالاتها الأفذاذ، وأنظمتها المرعية؛ للحفاظ على هذا الكيان المتألّق الفريد عالميّاً؛ أمنياً وإيمانياً ودوليّاً.
3 - أنّ اليوم الوطني رمز سياسي؛ يقتضي منا عند استذكاره استصحابَ ما كانت عليه بلادنا قبل توحيدها من خوف وجوع ومرض وضرّاء ولَأْوَاء لا يكاد يوجد لها مثيل في العالم؛ ثم استبدَلَنا اللهُ بها -بفضله ورحمته- نعَماً؛ لا نعدّها، ولا نحصيها؛ كمّاً وكيفاً ونوعاً؛ فله الحمد والمنّة على ذلك كلّه من قبل ومن بعد.
4 - ما أجملَ مَنْ يشكر نِعَمَ الله عليه، ويجعل أعلاها شكراً وتقديراً نعمةَ الهداية إلى الإسلام؛ ثم نعمة الأمن في الأوطان؛ والعاقل هو الذي يقدّر هاتين النعمتين العظيمتين وما اندرج تحتهما من النعم؛ بالحفاظ عليهما، وعلى غيرهما، وذلك عندما تمر به الذكرى الغرّاء لليوم الوطني.
5 - أنّ الوطنيَّ الحق هو من يذبّ عن ثوابت الوطن التي قام عليها، ويفتخر بها، ويشكر الله على التوفيق لها؛ وليس الوطنيُّ مَنْ يخترقها بقوله القبيح، أو تحزّبه المقيت، أو فعله المشين، أو موقفه المهين؛ تصريحاً أو تلميحاً.
6 - يُعْرَفُ الوطنيُّ الصادق بأنّه مَنْ يتفاعل مع الثوابت العليا التي أُسّس عليها هذا الكيان الشامخ؛ فأصبحتْ هي عَلَماً عليه؛ وأصبح الوطن عَلَماً عليها؛ لا من يهدم الثوابت، ويزعزع الأصول، ويتنكّر للجميل، ويُجافي كلّ أصيل.
7 - تتعجب من قوم نبتوا في وطني، وشربوا من مائه، وأكلوا من طعامه، وعاشوا على أرضه، وتنقّلوا تحت سمائه؛ ثم يصدر منهم ما يسيء إلى نظامه الأساسي للحكم، ويقدح في سمعته، أو يشكّك في ولائه وبيعته؛ في الداخل أو الخارج؛ وهذا من النذالة والعقوق وكفران النعم وانعدام الوفاء، وقلة الأدب والحياء.
8 - البخيل الشحيح في هذا الزمان هو مَنْ يشحّ بكلمة عدل وإنصاف، أو موقف نفاح وكفاح؛ يحتاجه الوطن يوماً ما؛ رفعاً لرايته، أو دفاعاً عن شرف غاياته، وسمو أهدافه؛ ممن ينال منها، أو يتنكّر لها، أو يدعو للخروج عليها.
9 - نِعَمُ الله على وطني عظيمة؛ يدركها قبل الصديقِ العدوُّ اللّدود، وكلُّ ذي نعمة محسود؛ لذا فنحن ما بين عدو متربص حاقد، وقريب متفرّج حاسد؛ والوطنيُّ الصادق هو الذي يعامل كلَّ واحدٍ بحسبه؛ مع تقدير المصالح والمفاسد، ويدفع بالتي هي أحسن، ويتعاون مع ولاة الأمر - أعزّهم الله بالحق، وأعزّ الحق بهم - بالدعاء لهم، وبذل النصيحة لهم بالحكمة والمعروف في شفقة وإحسان ولين جانب، ويحتسب ذلك كلّه جهاداً بيانيّاً عند الله تعالى.
10 - ينبغي أن يَعلَمَ كلُّ من يعيش في بلاد الحرمين - مواطناً كان أو مقيماً - أنه في مسيس الحاجة إليها؛ وليست هي مفتقرةً إليه؛ إذ بغيره تقوم البلاد، وتنهض العماد، وتعلو راياتها خفّاقة في كل ناد؛ بإذن الله تعالى؛ فعليه أن يرتفع في مستوى وعيه الذّاتي أمنيّاً وإيمانيا وثقافيا وسياسيّاً إلى مستوى الحسّ الوطني الحضاري الراقي.
11 - ما يتعرّض له وطني -أحياناً- من إِحَنٍ أو مِحَنٍ هي في مآلاتها مِنَحٌ؛ بإذن الله تعالى؛ تكشف نفاقاً مستبطناً مستوراً، أو تظهر حقداً متحجِّراً مطموراً؛ على مستوى الأفراد أو المؤسسات أو الأحزاب أو الهيئات أو الدول أو الجماعات؛ ليهلك من هلك عن بيّنة، ويحيى من حيّ عن بيّنة؛ وما ربك بظلّام للعبيد؛ فاعتبروا يا أولي الألباب!!.
اللهم احفظ بلادنا، وانصر ولاتنا، وأصلح أحوالنا، وأحسن عواقبنا في الدنيا والآخرة...
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان.