بدر سعد الزير
الرياضة في الأصل ميدان للانضباط، وللأرقام التي تُسجَّل في الملعب لا في خانة المشاهدات، لكن خلال السنوات الأخيرة، شاهدنا موجة غريبة تمثلت في دخول مشاهير السوشيال ميديا إلى شؤون الرياضة، ليس كمشجعين يرفعون الأهازيج، بل كمقرّبين من اللاعبين أو حتى كإداريين مؤثرين في صناعة القرار.
الفكرة قد تبدو (جميلة) من بعيد، نكسب جماهير جديدة، ونمزج الرياضة بالتسويق، ولكن عند الاقتراب، يتضح أن الأمر أشبه بوضع «فلتر» سناب على مباراة نهائية، يجمّل المشهد لكنه يفسد جوهر اللعبة.
المفارقة الطريفة أن بعض هؤلاء المشاهير يملكون خبرة في «التحديات اليومية» أكثر من خبرتهم في التكتيك، ومع ذلك تجدهم في مواقع يُفترض أن يشغلها خبراء عاشوا بين الملعب وغرف الاجتماعات لسنوات، تخيّل لاعبًا محترفًا يتلقى نصائح حول اللياقة من شخص آخر أبرز إنجازاته هو تحدي «أكل 10 شاورما في دقيقة»! أو حاط حيله بنشر سنابات يومية عن (سيارته؟!) الجديدة.. إلخ من المهازل التي (لا تخلص) عند مشاهير الفلس.
الخطورة هنا ليست في النوايا، بل في النتائج، قرب هؤلاء المشاهير من اللاعبين قد يربك العلاقة بين المدرب وفريقه، فاللاعب قد ينصت لمن يملك ملايين المتابعين بدل أن يركز على من يملك شهادة تدريب دولية، عندها، يصبح «اللايك» أقوى من «الخطط التكتيكية»، وتتحول غرفة الملابس إلى مسرح لالتقاط القصص والسنابات.
لا ننكر أن للسوشيال ميديا دورًا مهمًا في الترويج والدعم الجماهيري، لكن حدود اللعبة يجب أن تبقى واضحة، فالرياضة صناعة تحتاج إلى إدارة علمية صارمة، لا إلى عروض دعائية أو «إعلانات»، فإذا لم تُضبط الأمور، قد نصحو يومًا لنجد قرارات التبديل في المباريات تُحسم عبر «استفتاء» على إنستغرام! أو توتير! أو توك توك؟!.
فالخلاصة الرياضة ميدان للإنجاز، وليس مسرحًا للتجارب الاجتماعية، وإذا كان لا بد من الاستفادة من مشاهير السوشيال ميديا، فلتكن أدوارهم في الترويج والتفاعل مع الجمهور، لا في صناعة القرار الفني والإداري، فالملعب لا يعرف لغة «التريند»، بل يعرف فقط لغة الجهد والانتصار.