محمد الخيبري
في هذا المقال سأوجه رسالة بالغة الأهمية وبشكل ودي إلى جماهير الهلال العظيم، الشغوفة، والمحبة بلا حدود ..
لا يختلف اثنان على أن شغفكم بـ «الزعيم» هو القوة الدافعة خلف كل نقد، وكل صرخة غضب أو فرح..
هذا هو نبض المدرج الذي لا يهدأ، لكن في خضم هذا المشهد العاطفي، يقف المدرب الإيطالي العالمي سيميوني إنزاغي في مرمى نيران الانتقادات، وهو يحمل في يده ورقة حقائق قد تبدو متناقضة مع حجم هذا السخط الجماهيري..
والحقيقة التي لا يمكن إنكارها هي لغة الأرقام، عندما نتجرد من العاطفة ونحتكم إلى منطق الأرقام، نجد أن إشراف إنزاغي على الفريق خلال اثنتي عشرة مباراة رسمية أسفر عن حصيلة إيجابية بامتياز ..
خسارة وحيدة وثلاثة تعادلات وثمانية انتصارات، وهذه الأرقام في عالم كرة القدم هي نتاج لفريق يسير في المسار الصحيح،.
فريق منافس يحصد النقاط ، وهي مؤشر على أن «الماكينة الهلالية» تعمل بكفاءة للحفاظ على تنافسيتها..
لكن، لا يمكن أن نغض الطرف عن النقطة الأكثر إثارة للقلق والتي أطلقت شرارة الغضب الجماهيري عندما تستقبل شباك الهلال 15 هدفاً كاملة خلال هذه المباريات ال 12..
هذا معدل مرتفع، ويعتبره الجمهور، مؤشراً خطيراً على ضعف الخط الدفاعي..
هذا القلق مشروع ومنطقي، خاصة وأن الفريق يضم عناصر دفاعية مميزة، بل وتم تدعيمه بالمحترف التركي يوسف اكتشيشيك، الذي يعد إضافة قوية وله سجل مميز..
هذا التناقض بين جودة الأسماء وكثرة الأهداف التي تدخل الشباك هو بيت القصيد ومفتاح الأزمة..
هنا، النقد ليس حول النتائج النهائية بقدر ما هو حول هشاشة الأداء الدفاعي في بعض الأوقات الحرجة..
الآن، يواجه الهلال مرحلة حاسمة تتطلب منا كجماهير إعادة ضبط بوصلة النقد..
النقد الصحي هو الذي يصحح المسار ولا يحطمه، وهنا أستطيع ان اوجه رسالتين واضحتين..
الأولى تكون بالاعتراف بجهد المدرب ويجب أن نعطي إنزاغي حقه في نجاحه بتحقيق الانتصارات، وأن نتائج الفريق لا تزال في المنطقة الإيجابية..
والرسالة الثانية تكون بتركيز النقد للجهة الايجابية ويجب أن يوجه النقد البناء تحديداً نحو معالجة الخلل الدفاعي وتوفير التوازن بين الشقين الهجومي والدفاعي، وهو ما يقع على عاتق إنزاغي لتحقيقه سريعاً..
الهلال لم يبتعد عن المنافسة، بل هو مستمر بقوة. ما نحتاجه الآن هو تصحيح للأخطاء وليس إسقاطاً للعمل بأكمله..
دعمكم الهادر يمكن أن يتحول إلى طاقة إيجابية تدفع المدرب واللاعبين لترميم الشقوق الدفاعية بدلاً من أن يكون ضغطاً يزيد الأمور سوءاً..
وحتى لا يكون المدرب الكبير السيد «سيميوني إنزاغي بين مطرقة الإعلام وسندان الجماهير» فلا بد من دعمه ومطالبته بالتصحيح..
الهلال يستحق أن نسير معه بالمنطق والحب معاً حتى لا نكون جزءاً من المشكلة..
المنطق يقول: نعم، دكة الهلال مرصعة بأسماء وازنة، وأغلبهم نجوم دوليون بالفعل. هذا واقع لا يمكن إنكاره..
ولكن، منطق كرة القدم الحديثة وتحديداً في موسم مليء بالتحديات كالموسم الحالي يقول شيئاً آخر: جودة اللاعب الدولي على الورق لا تعني بالضرورة جاهزيته المطلقة في كل لحظة..
هل يمكن للاعب الدولي أن يكون أسير الإرهاق؟ نعم..
هل يمكن أن يكون مستواه في ناديه متذبذباً مقارنة ببريق مشاركاته الدولية؟ بالتأكيد..
المطالبة بالتدعيم ليست تقليلاً من قيمة نجومنا الجالسين على مقاعد الاحتياط، بل هي قراءة واقعية لـ «خارطة طريق الموسم»..
الهلال يلعب على ثلاث أو أربع جبهات، ويواجه تحديات ضخمة في دوري أصبحت المنافسة فيه على أشدها، بالإضافة إلى عبء السفر والمشاركات مع المنتخبات الوطنية..
عندما تكون دكة البدلاء هي «الضلع الثالث» للفريق بعد الأساسيين والمحترفين الأجانب، فإنها مطالبة بثلاثة أدوار حاسمة..
وجود بديل بجودة توازي الأساسي يرفع مستوى الجميع في التدريبات..
عندما يغيب نجم أساسي بسبب الإصابة أو الإيقاف أو الإجهاد الدولي، يجب أن يكون البديل قادراً على الحفاظ على نفس نسق القوة دون هبوط كبير في المستوى الفني..
أهمية البديل ليست في تعويض الغياب فحسب، بل في النزول إلى الملعب في الدقيقة 60 أو 70 لـ «تغيير مسار المباراة» بلمسة سحرية أو طاقة جديدة..
المطلوب ليس فقط لاعبين دوليين، بل لاعبين في قمة عطائهم البدني والذهني، قادرين على قلب الطاولة في أصعب الظروف. الجماهير تدرك أن «العمق» الحقيقي للفريق هو الفارق بين بطل يسيطر حتى صافرة النهاية، وفريق يعاني في المراحل المتقدمة من الموسم..
المطلب الجماهيري، رغم أنه قد يبدو مبالغاً فيه للبعض، هو صوت الحفاظ على مكتسبات النادي واستدامة تفوقه ونتم تعلمون جيداً أن الهلال لا يسعى للمنافسة محلياً فحسب، بل هو سفير الوطن في المحافل الآسيوية..
إذا كان الطموح عنان السماء، فالدكة يجب أن تكون جسر العبور إليه!..
إنها دعوة للتفكير في «الجودة النوعية» لا «الكمية» في مقاعد الاحتياط، وتأمين مستقبل الفريق ضد مفاجآت الإصابات والإرهاق التي لا ترحم..
قشعريرة
تتجه الأنظار محلياً إلى فترة التوقف القادمة في الأجندة الدولية، والتي غالباً ما ينظر إليها البعض على أنها مجرد توقف لأنشطة الأندية..
لكن بالنسبة لنا كجماهير سعودية، هي أكثر من مجرد فترة صمت؛ إنها محطة مصيرية في رحلة المنتخب الوطني نحو الهدف الأسمى..
المنتخب السعودي مقبل على استئناف مشواره في تصفيات كأس العالم 2026، وهي ليست مجرد مشاركة رياضية عادية..
إن التأهل إلى نهائيات كأس العالم هو مطلب جماهيري وأولوية وطنية حتمية لا تقبل التنازل..
لقد اعتادت الجماهير السعودية على رؤية «الأخضر» بين كبار العالم، وهذا المكان ليس حلماً، بل هو استحقاق يجب القتال من أجله بكل ما أوتينا من قوة..
قد يمر المنتخب بفترات تذبذب، وقد يواجه تحديات فنية أو إدارية، لكن ما يجب أن يبقى ثابتاً هو الإيمان التام بقدرة لاعبينا على تجاوز الصعاب..
هذا الإيمان هو سلاحنا الأقوى، واللاعبون في حاجة ماسة إلى دعم هذه الجماهير التي لا تكل ولا تمل..
على الجهاز الفني واللاعبين إدراك أنهم لا يمثلون أنفسهم فحسب، بل يمثلون طموح وطن كامل..
يجب أن تكون فترة التوقف القادمة فرصة ذهبية لترسيخ الفكر التكتيكي، وتصحيح الأخطاء، والدخول إلى المعترك التصفيات بروح قتالية لا تعرف الاستسلام..
التأهل إلى كأس العالم ليس رفاهية، بل واجب وطني. يجب التمسك بأمل تحقيقه بأي ثمن، وإظهار أن الكرة السعودية ما زالت قادرة على المنافسة والوصول إلى القمة العالمية..