د.حسن مشهور
تشهد الساحة الثقافية والأدبية السعودية في هذه الأيام احتفالية نوعية ينتظرها المثقف السعودي وقبل ذلك العربي في كل عام، تتمثَّل في إقامة معرض الرياض الدولي للكتاب. فهذا الحدث الثقافي السعودي السنوي البارز، الذي انطلق في العام 1978 في رحاب جامعة الملك سعود التي كانت تسمى آنذاك بجامعة الرياض، قد تمكن وعبر جملة من الخطط الثقافية المرسومة بشكل جيد، وعبر تبني نهج ثقافي وأدبي مثمر من أن يعد الآن من أكبر معارض الكتاب العربية سواء من حيث أعداد الزوار أو المشاركين.
بعبارة أخرى إن هيئة الأدب والنشر والترجمة التي تشرف الآن على هذا الحدث الثقافي السعودي النوعي قد استطاعت أن تحقق أحد نجاحاتها النوعية من خلاله وذلك من خلال المشاركة الواسعة لدور النشر المحلية والعربية والدولية، إضافة إلى أنشطة ثقافية متعددة أمثال الندوات الثقافية والأدبية، واحتفالية توقيع الكتب، إلى جانب ورش العمل الأدبي والثقافي والأمسيات الشعرية، والأجمل من كل ذلك هي فعاليات الأطفال التي تعكس اهتمام دولتنا وولاة أمرنا -حفظهم الله- بالنشء الذي يعد عماد المستقبل وجيل صناعة الغد الزاهر لوطننا الحبيب إن شاء الله.
ومن هنا ينبثق سؤال: هل يلعب معرض الرياض للكتاب دورًا رئيسيًا في تنمية الأدب السعودي المعاصر؟ إن الإجابة على مثل هذا السؤال تتمظهر من خلال ما يتبيَّن لنا من ممارسات وأداءات تتولد عن المعرض وترتسم ماثلة للعيان، من ذلك إنه قد أضحى يمثّل منصة تجمع الأدباء والكتاب والمثقفين، مما يتيح لهم فرصة الاطلاع على إنتاجات ثقافية وعلمية مختلفة، وتوسيع دائرة التفاعل الأدبي بينهم. إلى جانب تعزيزه صناعة الثقافة والصناعة الإبداعية وفق رؤية المملكة 2030، عبر دعم قطاع النشر وتطوير الصناعات الثقافية والإبداعية. وفوق ذلك فمعرض الرياض للكتاب يسهم بشكل جدي في نشر المعرفة والوعي الثقافي في المجتمع السعودي، كما يشكِّل المعرض مسرحًا لإبراز الأدب السعودي وتعريف الجمهور به سواء على النطاقين الإقليمي أو العالمي، الأمر الذي يسهم بالتالي في دعم نشر الأعمال السعودية في بيئة ثقافية عالمية والتعريف بالأدب والنتاج الثقافي السعودي بشكل أبرز.
وليس أدل على نجاحنا كسعوديين في أحد مناحينا الثقافية والأدبية المتمثلة في إقامة معرض الرياض للكتاب سوى ذلك التنامى في أعدد المشاركين ودور النشر، الذي شهده المعرض خلال السنوات الأخيرة، حيث شهد المعرض في نسخة 2024 مشاركة أكثر من 2000 دار نشر من نحو 30 دولة، وزيارة أكثر من مليون زائر، الأمر الذي يعكس بجلاء ذلك الإقبال الكبير على الثقافة والكتاب في وطننا الحبيب المملكة العربية السعودية، وذلك التحول في المشهدية الثقافية العربية التي نصنعها كسعوديين ونسعى لتحقيقها في قادم الأيام على المستوى الدولي، بحيث نصبح نحن المحور ونحن صنَّاع الثقافة على امتداداتها العالمية.
وإننا ونحن نتأمل معرض الكتاب الدولي الذي يُقام في الرياض، فإننا ندرك بكل جلاء بأن فعاليات المعرض تبرز مدى التفاعل الإيجابي الحي مع الأدب والثقافة على عمومها، من خلال تنظيم مسابقات للأطفال، وحفلات موسيقية وعروض مسرحية وأمسيات شعرية، إلى جانب «مارثون الترجمة» الذي يعمد لتشجيع نقل الأدب والثقافة السعودية إلى اللغات الأجنبية. ومجمل هذه الجوانب تؤكد بشل جلي وفاعل ذلك الدور المحوري لمعرض الرياض الدولي للكتاب في دفع قطار الأدب السعودي المعاصر على طريق التطور والانتشار.