د.عبدالعزيز الجار الله
أعلنت هيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية في 27 سبتمبر 2025م انضمامها رسميًا إلى برنامج الإنسان والمحيط الحيوي (MAB) التابع لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، لتكون بذلك أول محمية ملكية سعودية تحظى بهذا الاعتراف الدولي الرفيع.
تقع محمية الإمام تركي بن عبدالله - وبالمناسبة الإمام تركي مؤسس الدولة السعودية الثانية - تقع في الجهة الشمالية الشرقية من المملكة، وأغلب أراضي المحمية واقعة في منطقتي القصيم وحائل، وتبلغ مساحتها (91.500) كيلومتر مربع كثاني محمية في المساحة بعد محمية الملك سلمان (130.700 ) كم مربع.
اعتمدت محمية الإمام تركي في 11 ديسمبر 2023 مرشحاً لقائمة المحميات الخضراء التابعة للاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة (iucn) خلال انعقاد المؤتمر العالمي للمناخ (كوب 28) في دبي، وتم تسجيل المحمية على قاعدة البيانات العالمية للمناطق المحمية ( wdpa) من خلال اللجنة العالمية للمناطق المحمية، بالتعاون مع المركز العالمي لرصد حفظ الطبيعة التابع لبرنامج الأمم المتحدة البيئية.
ومحمية الإمام تركي تتكون في أغلبها من تكوينات رملية تعد الامتدادات الشرقية لرمال النفود الكبير الذي يقع مركزه في منطقة الجوف، تخترق المحمية من الوسط تقريباً هضبة التيسية لتقسم الرمال إلى عدة أقسام الشرقي رمال الدهناء، والغربي رمال المظهور (رمال الأسياح)، والجهة الشمالية تقريباً رمال النفود الكبير، ومن الجنوب رمال السياريات والثويرات. وتعتبر هضبة التيسية منطقة شجرية ومعشبة وكثيرة الأودية والسهوب والمراعي.
محمية الإمام تركي لها سجل تاريخي وحضاري عريق لأنها شكلت مرحلة طويلة في طريق قوافل الحج والتجارة قبل الإسلام الذي يربط الخليج العربي بمكة المكرمة والبحر الأحمر، وبالتالي يربط العراق - البصرة - بحواضر ومدن الجزيرة العربية من الشرق إلى الغرب، فطريق الحج البصري القديم يخترق محمية الإمام تركي من شرقها قادماً من العراق والكويت بعد أن يجتاز منطقة الحدود الشمالية والمنطقة الشرقية محافظة حفر الباطن عند الدهناء ليعبر إلى منطقة القصيم ومنها إلى الأجزاء الشمالية الغربية من منطقة الرياض، ثم شرقي منطقة مكة المكرمة ليصل إلى ميقات ذات عرق على بعد (90) كم عن مكة، كما يجتاز طريق درب زبيدة طريق الحج والتجارة القديم قادماً من العراق بغداد والكوفة ثم منطقة الحدود الشمالية ثم حائل ويتجه بعد ذلك إما إلى مكة المكرمة أو المدينة المنورة.
يضم طريق قوافل الحج البصري الذي طور في العهد الإسلامي بعد إنشاء وتأسيس البصرة شمال الخليج العربي ليكون بوابة للحج والتجارة لشرقي العالم الإسلامي، وكذلك الحال درب زبيدة القادم من الكوفة عدداً من المحطات التاريخية لهذا الطريق ليتحول بعضها إلى مدن. وهنا تأتي أهمية محمية الإمام تركي لأنها تتميز بالتنوع الذي يركز عليه برنامج الإنسان والمحيط الحيوي (MAB)، حيث يعنى بتحقيق الاستدامة في التنوع الأحيائي النباتي والحيواني والتنوع البيئي، كما أن محمية الإمام تركي تجمع ما بين عراقة المكان المخزون البيئي، وبين ابتكار أساليب الحماية، ويرسخ مفهوم التنمية المستدامة التي تقوم بها المملكة.
يعد هذا الإنجاز كما أشارت إليه هيئة تطوير المحمية محطة بارزة تعكس التزام المملكة الراسخ بحماية بيئاتها الطبيعية، وتعزيز حضورها العالمي في مجالات صون التنوع الأحيائي وتحقيق التنمية المستدامة، انسجامًا مع مستهدفات رؤية المملكة 2030.