إيمان الدبيّان
الهوية الوطنية للإنسان عنوان والأصالة للمجتمع أمان، الهوية لها ملامح والأصالة أحدها، والأصالة لها نماذج والهوية منها.
إن كل فرد في المجتمع رجل أو امرأة يقع عليه الدور الأكبر في إبراز الهوية الوطنية بملامحها وأصالتها، والمرأة عليها الدور الأهم وتحقيق الأثر الأعم في ذلك؛ ولكن هل هي ملتزمة بهويتها وأصالتها التي تبرز دورها ويسطع أثرها؟!
الكثير منهن -بفضل الله- هويتهن الوطنية وأصالتهن المجتمعية ظاهرة وفي الواقع فاعلة، والبعض هداهن الله لا شكلا يوحي بهويتها ولا مضمونا يدل على أصالتها.
المرأة هي الزوجة المحتوية، والأم المربية، والأخت المعتنية، والبنت المتربية؛ لذا هي عنوان الهوية باحتشامها في لباسها، ومنبع الأصالة بتمسكها بإرثها وتراثها ثقافياً وفكرياً.
إن التطور والتحضر ليس بالتخلي عن الاحتشام وإظهار علنا مفاتن الأجسام، ولا التقدم والتعلم بالابتعاد عن اللهجات وقلب مخارج الكلمات.
المرأة مُمَكّنة ومُتَمكّنة في كل جوانب الحياة الاجتماعية والعلمية والعملية بفضل من الله، ومعززة في بيتها ووطنها ومجتمعها، وهي وليس غيرها من يحدد كيف تكون قلباً وقالباً مظهراً وفكراً.
وما نلاحظه اليوم، وتحديداً في مواقع التواصل الاجتماعي، من بعض من اُبتلي المجتمع بظهورهن وتقديم ما يعتقدن، ومن المؤلم أنه يسميه البعض محتوى وهو أبعد ما يكون عن ذلك، بل بعضهن جعل أجسادهن وملامح وجههن مادة رخيصة لما يعرضن في حسابهن من شرح لطريقة عمل «المكياج» أو عرض تفاصيل أجسادهن على ما ابتعن من ملابسهن، وغيرهن ينشر بالتفصيل قصصا وضيعة عن حياتهن الزوجية، أو ارتباطهن الشخصي؛ فكثير من بعضهن لا يقدمن إلا أجسادا فاضحة أو تلوثات فكرية سامة، ويتابعهن للأسف فتيات صغيرات ومراهقات يانعات أو كبيرات سن غير ناضجات؛ فنسمع من تتناقل أخبارهن باهتمام أو تفعل مثلهن بالتمام، أو تنقاد لتوجيههن حتى لو كلف الأمر جر الأسرة للهدام.
أين نضج المرأة الذي يساوي رجالا؟! أين أنوثة المرأة التي لا يعادلها مالا؟!
عند هؤلاء ومن اتبعهن ومن ستسير على دربهن لا نضج موجود ولا أنوثة بحدود.
إن المرأة جمالها الظاهر لا يكتمل ولا يؤطر إلا بروعة نضج فكرها الباهر، والأنوثة لا تطغى وتبقى إلا بالحفاظ على قيمتها وسترها إلا لمن له حق استشرافها وإحلالها.
ولأن بعضهن شر واقع وتأثيرهن السلبي ذائع، فإني أرى بداية أهمية توعية الأسرة لبناتها وفتياتها بخطر الابتعاد عن الهوية والأصالة والانسياق خلف ما يسمى عبثا بالحضارة لبسا وتحدثا وثقافة.
والحمد لله اليوم رأينا تشديد الأنظمة والشروط الخاصة بمضمون المحتويات ومقدميها، فليس كل من قدم استشارات اجتماعية أو زوجية هو مؤهلاً لذلك، ولا كل من وجه لعملٍ ما هو مهيأ لذاك.
لهذا شددت لوائح وقوانين الذوق العام على كل ما يتعلق باحتشام المرأة في الأماكن العامة ووسائل النقل ومؤسسات الدراسة، وفيما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي سواءً من المرأة أو الرجل، نعم، نحترم الحريات ونراعي الثقافات ونؤمن بتعدد الأذواق؛ ولكن بلا إلغاء لهويتنا، وبدون التخلي عن أصالتنا، مع التمسك بديننا وقيم مجتمعنا.