خالد بن عبدالرحمن الذييب
يعتقد البعض أن تحقيقه درجة عالية في الجامعة وحصوله على مرتبة الشرف العليا كفيل بأن يفتح له الدنيا وخزائنها على مصراعيها، هذه الفئة اكتسبت هذا المفهوم من تربية خاطئة اعتقد أصحابها بداية أنهم يقومون بتربية أبنائهم تربية سليمة تقوم على أهمية الدراسة وتحقيق الدرجات العليا فيها، ولا شك أن لا خلاف على أهمية الشهادة الجامعية وتحقيق الدرجات الأعلى، ولكن الخلاف في تصوير ذلك للأبناء على أن الحياة هي في النجاح الجامعي فقط.
كثير من أصحاب مراتب الشرف العليا، يُصدم صدمة عمره عند أول عائق في حياته بعد الجامعة، إما بتأخر وظيفة أو خلافه، ويبدأ في الدخول في دوامة يصعب الخروج منها ومرحلة شك بكل شيء، وأن هناك من يقف ضده ويتلبّس دور المظلوم والضحية في مجتمع لا يهتم ولا يقدر المبدعين حسب تصوره، متناسيا أو ربما لم يجد من يبين له أن قوانين الحياة تختلف تماماً عن قوانين الجامعة وأن هناك من العظماء والناجحين نجحوا في حياتهم دون درجات عليا وبعضهم لم يتمكن من أن يكون صاحب شهادة جامعية، النجاح لا يرتبط فقط بعامل داخلي واحد وهو الاجتهاد في الدراسة، ولكن هناك شبكة من العوامل والظروف الخارجية تساعد البعض على النجاح، وتقف عائقاً في وجه البعض الآخر، وهذه الشبكة قد تكون شبكة من الظروف الإيجابية متعلقة بمهارات التواصل والمرونة الشخصية، والتأقلم مع الظروف في العمل، أو ظروف لا تكون منصفة تتعلق بعلاقات اجتماعية أو علاقات تبادل منفعة بين طرفين أو أكثر، وهذا حقيقي بدون أي تجميل للواقع المعاش، فقوانين الحياة صعبة، ومجحفة أحياناً.
هذا لا يعني إهمال الدراسة فالشهادة أو الدراسات العليا لا شك تعتبر مدخلا وإضافة للإنسان طوال حياته، ومؤشراً هاماً على جدية الإنسان ولكنها بالتأكيد ليس كل شيء، فصاحب الشهادة والدرجة العليا ومرتبة الشرف يجب الا يركن إلى شهادته فقط، وفي المقابل بعض الخريجين بدرجات متدنية «مقبول» مثلاً، يجب الا تكون هذه الدرجة باب يئس يقفل في على نفسه الباب، فإن قفل الباب فتح الله لك مائة باب، والا يكون هذا المعيار فقط هو الوحيد لقبول توظيف أحد، فكما أن هناك من يتفوق في الحياة وفقا لمعايير مجحفة، في المقابل ليس كل من حقق نتائج مبدعة في الجامعة كان عن جدارة، فالحياة لها طرقها الملتوية والجامعة كذلك.
أخيراً ..
غير معقول الحكم على انسان بسبب سنوات معدودة من عمره لا نعلم ماذا كانت ظروفه فيها..
ما بعد أخيراً..
التفوق الدراسي معيار مهم جداً جداً.. ولكنه جزء من النجاح وليس كل شيء.
لذلك على أصحاب المراتب العليا في الجامعة أن يتأقلم مع واقع الحياة، ويتماشى معها، والا يكتفي بالشهادة كعامل وحيد حتى لا يُصدم بقوانين الحياة.