د.عبدالعزيز الجار الله
الاهتمام بالمساجد ورعايتها من أولويات الحكومة السعودية: الإنشاء والإعمار وترميم وتطوير المساجد التاريخية وبخاصة المساجد الكبرى. وقد جعلت رؤية السعودية 2030 من أبرز أجندتها وبرامجها العناية بالمساجد الأولى والتاريخية والكبرى جعلته في أعلى الأولويات من أهمها:
- التوسعة السعودية الثالثة للحرمين الشريفين المسجد الحرام بمكة المكرمة، والمسجد النبوي بالمدينة المنورة وما زالت التوسعة مستمرة حتى الآن.
- المساجد الأولى مسجد القبلتين ومسجد قباء بالمدينة المنورة.
- مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية بجميع مناطق المملكة وعدد المساجد (130) مسجداً.
يوم الاثنين 06 أكتوبر 2025 وجّه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- بفتح مسجد القبلتين في المدينة المنورة على مدار (24) ساعة، وجاء التوجيه الكريم من خادم الحرمين الشريفين تسهيلًا لأداء الصلوات في جميع الأوقات، وتمكين الزوار وضيوف الرحمن من اغتنام الأجر في مختلف الأوقات.
- تاريخ مسجد القبلتين: يُعدّ من أبرز المساجد التاريخية التي شهدت تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرَّفة في عهد النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- في السنة الثانية للهجرة، مما منحه مكانة خاصة في قلوب المسلمين.
ومسجد القبلتين، هو مسجد نزل فيه الوحي على النبي محمد صلى الله عليه وسلم بتحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرَّفة، منتصف شهر شعبان من العام الثاني للهجرة النبوية، وهو أحد المساجد التاريخية والأثرية في المدينة المنورة.
- الموقع: يقع مسجد القبلتين في الجهة الشمالية الغربية من المدينة المنورة بمحاذاة وادي العقيق، وبالتحديد موقع مسجد القبلتين على طريق خالد بن الوليد في المدينة المنورة، ويبعد عن المسجد النبوي نحو 4 كم، وقد بُني قديمًا على هضبة مرتفعة من حرة الوبرة البركانية، وكان يشرف على جزء من وادي العقيق بالمدينة المنورة، وينقسم في بنيانه قديمًا إلى قسمين، أحدهما داخلي يحوي محرابًا متجهًا إلى الكعبة المشرَّفة، والثاني خارجي يضم محرابًا متجهًا إلى الشام، وكلاهما مبنيٌّ بالجير والحجارة المنحوتة.
- عمارة وبناء مسجد القبلتين:
كان البناء الأول لمسجد القبلتين في عهد النبي محمد -عليه الصلاة والسلام- في السنة الثانية من الهجرة، واستخدمت فيه جذوع النخل وسعفه، وهو أحد المساجد المرتبطة بالتاريخ الإسلامي؛ لما يرتبط به من حدث تحويل القبلة الذي استمد منه اسمه الذي يحمله منذ عهد النبوة.
شهد مسجد القبلتين عبر العصور أعمال ترميمٍ وتجديدٍ متتالية، بدأت منذ عهد الخلفاء الراشدين -رضي الله عنهم-، مرورًا بالدول الإسلامية المتعاقبة، وصولًا إلى العهد السعودي الزاهر الذي أحدث نقلة نوعية في تطوير المسجد وتوسعته، وتواصلت بعد ذلك أعمال العناية والتوسعة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -أيَّده الله- تجسيدًا لما توليه القيادة الرشيدة من عنايةٍ واهتمامٍ بالمساجد التاريخية والمعالم الإسلامية، وحرصٍ دائم على تطوير الخدمات المقدَّمة لضيوف الرحمن وزوَّار المدينة المنورة.
- تاريخ ترميمات وإصلاحات مسجد القبلتين:
شهد المسجد عدة ترميمات وإصلاحات على مر التاريخ، من أشهرها التي أنجزها عمر بن عبدالعزيز عام 87هـ/ 706م، عندما اهتم بإصلاح وتجديد المساجد التي صلى بها النبي -صلى الله عليه وسلم- ومرَّ على المسجد نحو 800 عام دون تجديدات حتى جدد عام 893هـ/ 1488م، وتوالت بعد ذلك التوسعات.
- التوسعة السعودية: كانت أول توسعة لمسجد القبلتين في العهد السعودي توسعة الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود عام 1350هـ/ 1931م، عندما أمر بتجديد عمارة المسجد، وبناء سور حوله، ورفع مئذنة مخصصة له، ووسع مساحته لتصل إلى 425 م2.
وأعيد بناء المسجد في عهد الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود عام 1408هـ/ 1987م، ووصلت مساحته إلى نحو 3920م2، وشهد عدة إصلاحات وترميمات في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، إضافةً إلى التجديد والعناية التي مر بها في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود.
- نُفذ المشروع الحالي تحت إشراف هيئة تطوير منطقة المدينة المنورة، ليكون نموذجًا معماريًا يجمع بين الأصالة التاريخية والهوية الإسلامية، والتقنيات الحديثة في البناء والخدمات، حيث تبلغ المساحة الإجمالية للموقع أكثر من (265) ألف مترٍ مربعٍ، فيما تتجاوز مساحة المسجد (3900) مترٍ مربعٍ، بطاقة استيعابية تفوق (20) ألف مصلٍ، مع توفير أكثر من (300) موقفٍ للحافلات والسيارات، إلى جانب تركيب أكثر من (50) مِظلة مزوَّدة بـ (100) مروحة رذاذ، تُسهم في تلطيف الأجواء، وتصميمٍ حديثٍ للممرات والساحات، يُعزِّز انسيابية الحركة، ويُهيئ بيئة مريحة للمصلين والزوار.
- مركز القبلتين الحضاري:
يُجسّد مشروع «مسجد ومركز القبلتين الحضاري» بالمدينة المنورة التكامل بين العناية الدينية والتطوير الحضاري، ليبقى المسجد منارة إيمانية وتاريخية، تُخلِّد ذكرى تحويل القبلة، وتُضيء طريق الزائرين إلى المدينة المنورة عبر العصور. خضع مسجد القبلتين لأعمال تطوير ضمن مشروع «مركز القبلتين الحضاري». ويشمل إنشاء ساحات المسجد وتنظيم شبكة الطرق والحركة، وإنشاء مواقف سيارات.