د. سطام بن عبدالله آل سعد
لم تكن مواجهة منتخبنا أمام إندونيسيا مجرد افتتاحٍ للملحق، بل إعلانَ حربٍ على الشك، وبداية طريقٍ لا يعرف إلاّ الرجال. هناك، على المستطيل الأخضر، اشتعلت الهمة، وتحدثت الأرجل بلغةٍ لا تُترجمها الإحصاءات، بل تُقرأ من نبض القلب، ومن عَرق الأبطال الذين قرروا أن يكتبوا بأقدامهم رسالة الوطن: نحن هنا.
- كان بوالشامات الرمحَ الأول في صدر الفريق الإندونيسي، يهاجم بثقة ويعود بشراسة، يزرع الرعب في الدفاع ويغرس الأمل في القلوب. المعركة لم تنتهِ بعد، وما الفوز على إندونيسيا إلا أول الغيث، أما الحسم الحقيقي فموعده العراق في معركة أمّ المعارك. فأثخن فيهم يا بوالشامات، سلِمت قدماك.
- لكنّ المشكلة الأزلية ظلّت حاضرة في الدقائق الأخيرة من كل مباراة، وكأن منتخبنا لا يريد أن يمنح جماهيره الراحة حتى صافرة النهاية!
- الملحق الآسيوي لا يرحم، ولا يعترف إلا بمن يملك العزيمة قبل المهارة. هنا تُختبر اللياقة الذهنية، وتُقاس روح المنتخب على مقياس الرجال. منتخبنا أنجز نصف المهمة، وبقي النصف الأثقل الذي يتطلب مضاعفة الجهد والإصرار.
الخصم القادم لا يُواجه بالحذر وحده، بل بالشراسة المزدوجة في الدفاع والهجوم، في الروح والعقل. رينارد مطالبٌ بإطلاق العنان للقتالية، لا للانضباط البارد. نريد منتخبًا يهاجم كأنه لا غد بعد اليوم، يضغط، يصرخ، ويقاتل على كل كرة، لأن التأهل للمونديال لا يُهدى… بل يُنتزع انتزاعًا.
- إنّ المعركة المقبلة نفسية وبدنية وتكتيكية في آنٍ واحد. فالمنتخب العراقي الذي يخسر أمام فرقٍ آسيوية متواضعة، يتحول أمام الأخضر إلى نسخةٍ من البرازيل أو الأرجنتين أو ألمانيا! وليس السبب فنيًا بقدر ما هو نفسي؛ إذ تقف خلفه تراكمات تاريخية وضغائن رياضية يتغذى عليها إداري المنتخب العراقي لكرة القدم يونس محمود، الذي لا يفوّت فرصة لاستفزاز منتخبنا وأنديتنا ولاعبينا بكل تبجّحٍ يفتقر إلى الروح الرياضية. لكنّ الردّ الحقيقي لن يكون في التصريحات، بل على المستطيل الأخضر، حيث تتحدث الأقدام بلهجةٍ لا تُترجم إلا في شِباك الخصم.
التأهل هذه المرة لا يعني مجرد مشاركة جديدة، بل تأكيد الزعامة الآسيوية واستمرار الحضور السعودي في أكبر محفلٍ كروي على وجه الأرض.
المنتخب لا يكتمل إلا بجمهوره، اللاعب رقم «1» وصوت الوطن الذي لا يصمت. الجمهور هو الوقود في لحظات الضغط، وهو من يزرع الثقة في قلوب اللاعبين حين تتسارع الأنفاس. صوته أعلى من صافرة الحكم، وهتافه أقوى من أي خطة تكتيكية، وهو من يحوّل المباراة إلى ملحمة وطنية تُروى للأجيال.
الثلاثاء ليس موعد مباراة، بل موعد وطنٍ بأكمله مع الفخر. فلتكتظ المدرجات، ولتتوحّد الأصوات، ولتُرفع الأعلام السعودية في كل زاوية من الملعب. احضروا… فالأخضر لا يقاتل وحده، بل بقلوبكم وأهازيجكم وأنفاسكم التي تملأ المدرجات حياة. اجعلوا الملعب بحرًا أخضر لا يرى الخصم فيه إلا الموج السعودي، وكونوا أنتم الريح التي تدفع الصقور نحو السماء والتأهل للمونديال.