عبد العزيز الهدلق
يقف منتخبنا الوطني اليوم على أعتاب التأهل لنهائيات كأس العالم 2026 للمرة السابعة في تاريخه وهو يواجه المنتخب العراقي الشقيق هذا المساء في ملعب الإنماء بجدة.
وبعيداً عن احتمالات التأهل المتعددة والفرص التي تقف في صف الأخضر فإن الفوز بالمباراة مطلب حتمي يجب أن يسعى له نجوم منتخبنا بكل قوة، ويبذلوا من أجله كل جهد، فالتأهل للمونديال هو أمل وحلم كل سعودي يتجدد كل أربعة أعوام، وقد أصبح منتخبنا من مونديال أمريكا 1994 متمرساً في الوصول لهذه النهائيات، إلى أن أصبح واحدا من أكثر المنتخبات الآسيوية والعربية وصولاً للمونديال العالمي.
وقد جاءت مشاركة منتخبنا في كأس العالم 2022 بقطر كأميز مشاركة، حيث وضع المنتخب السعودي بصمة لا يمكن أن تنمحي في تاريخ كؤوس العالم عندما استطاع هزيمة منتخب الأرجنتين بهدفين مقابل هدف، وكانت هي الهزيمة الوحيدة لمنتخب التانجو الذي توج في نهاية البطولة بطلاً لكأس العالم. وكانت هي الهزيمة الوحيدة للأسطورة ميسي ورفاقه في تلك البطولة. وقد عد خبراء التسويق ذلك الانتصار السعودي على الأرجنتين بأنه يفوق في قيمته مليارات الدولارات فيما لو أرادت المملكة تنظيم حملة علاقات عامة وترويج للوطن في العالم، حيث كان صدى ذلك الانتصار قوياً في أرجاء المعمورة، وسيطر اسم المملكة العربية السعودية ومنتخبها الكروي على نشرات الأخبار في كل قنوات العالم، طوال بطولة كأس العالم، حتى بعد تتويج منتخب الأرجنتين بالبطولة والكأس والميداليات الذهبية كان الانتصار السعودي يسترجع ويتردد كونه الإنجاز الأبرز في البطولة، فالمنتخب السعودي هو الوحيد في المونديال الذي هزم بطل العالم.
ويمر منتخبنا في هذه التصفيات وسط طريق شاق، ليس فقط لسوء نتائج البداية مع المدرب مانشيني، ولكن لبشاعة التعاطي الإعلامي السعودي (أغلبه) مع مسيرة المنتخب في التصفيات الآسيوية المؤهلة للمونديال. ففي البداية تم شن حرب إعلامية لا هوادة فيها مع المدرب مانشيني بعد حادثة إيقاف بعض اللاعبين الذي رفض بعضهم المشاركة، ورفض آخرون البقاء على مقاعد البدلاء! وبدلاً من أن يتم نقد سلوكيات هؤلاء اللاعبين ورفض تصرفاتهم، توجهت الحملات نحو المدرب انتصاراً للاعبي الأندية! وبعد أن طويت تلك المرحلة وأخفق منتخبنا في الوصول المباشر للمونديال، فدخل مرحلة الملحق وشاهد الجميع كيف تعامل إعلام الأندية مع المنتخب! حيث تجاهل مصلحة منتخب الوطن، وراح يهاجم اللاعبين والنجوم وعلى رأسهم قائد المنتخب سالم الدوسري مستغلين مظلة النقد الإعلامي لتصفية حسابات الميول والانتماء للأندية على حساب منتخب الوطن.
وللأسف أن نقاد الأندية أولئك لم يرتق لديهم مؤشر المسؤولية ليردع طغيان الميول للنادي. فتغلب عشق النادي على حب المنتخب. وانطلقت حملات شبه منظمة ومنسقة تجاه سالم الدوسري بشكل مقزز. ولم تجد حتى رد فعل لدى المسؤولين في اتحاد الكرة ولا في إدارة المنتخب. لحماية اللاعب من الإساءات والتشكيك التي كانت مخجلة لمن كان يتابعها من خارج الوطن، أما أصحاب الحملات فكان قصور وعيهم وتواضع إدراكهم لا يساعدهم على فهم خطورة ما يفعلونه! وكان المتابعون من خارج الوطن يستغربون كيف يتعرض قائد منتخب وطن لحملات إساءة وتشكيك مركزة في معمعة المنافسة!؟ فبدلاً من دعمه وزملائه وتحفيزهم وحشد كل أنواع التشجيع لهم ليتجاوزوا المنتخبات الأخرى ويحققوا حلم التأهل للمونديال، كان يقابل بكل أنواع التشكيك، حتى في جائزة أفضل لاعب في آسيا التي رشحه لها الاتحاد الآسيوي تم الطعن والتشكيك في جدارته بالترشيح، رغم أن منافسيه أحدهما قطري والآخر ماليزي! بما يؤكد أن نقاد «الغفلة» و«الجهل» أولئك يرغبون في فوز المرشح القطري أو الماليزي بالجائزة ولا يفوز بها قائد المنتخب السعودي!
لقد قدم أولئك المحسوبون على الإعلام الرياضي السعودي كل الأدلة والشواهد على جهلهم، وعلى قلة وعيهم، وعدم مسؤوليتهم، وعدم جدارتهم بأن يكونوا إعلاميين مهنيين، وعلى أن المناخ العام للإعلام الرياضي المحلي غير صحي، وتطغى فيه محبة النادي على مصلحة منتخب الوطن. وأكدت تلك النماذج السيئة من الإعلاميين على أن الباب مفتوح على مصراعيه للولوج في عالم الإعلام الرياضي لكل من هب ودب، وأنه بلا ضابط من التخصص أو التأهيل، أو النضوج الفكري أو الثقافي.
وللأسف أن تلك النماذج الإعلامية «السيئة» قد تمكنت من التأثير على مجموعات محدودة من الجماهير وسهلي الانقياد للانجراف وراءهم في ميدان سباق الإساءات.
وإذا استطاع منتخبنا أن يحقق التأهل للمونديال فإنه سيكون قد هزم الإعلام الرياضي الجاهل، وإعلام الأندية، قبل أن يكون قد هزم المنتخبات المنافسة.
زوايا..
** أجمل صفة في منتخبنا الوطني اليوم هي تلك الأسماء الواعدة من المواهب التي أصبح لها تأثير قوي في صفوف الأخضر أمثال مصعب الجوير وصالح أبو الشامات وناصر الدوسري. وهناك الكثير من الأسماء القادمة التي ستنصف المجموعة من المنتخبات السنية الوطنية.
** المنتخب العراقي منافس الأخضر هذا المساء ليس بالمنتخب السهل، ولن يكون تجاوزه متاحاً إلا ببذل جهد مضاعف. فإذا كان منتخبنا يتفوق بالأداء الفردي فإن المنتخب العراقي قوي في الدفاع، وفي الالتحامات المباشرة. لذلك يجب على لاعبينا مواجهة أبناء الرافدين بنفس سلاحهم. وألا يكتفون بالتفوق المهاري الفردي.
** المبادرة بالتسجيل ستمنح منتخبنا أريحية كبيرة في المباراة، فالعراقيون مطلوب منهم التسجيل أولاً لأن التعادل لا يخدمهم، وإذا سجل منتخبنا قبلهم ستحدث فوضى في المناطق الخلفية العراقية وستكون فرصة لمهاجمي منتخبنا لزيادة غلة الأهداف.
** أخطر سلاح عكسي يمكن أن يواجهه منتخبنا أمام العراق هو اللعب من أجل التعادل، على اعتبار أن هذه النتيجة تؤهله للمونديال. فالهدف قد يأتي في لحظة غفلة ولو في الوقت بدل الضائع. لذلك يجب أن يبادر منتخبنا بالتسجيل.
** قوة مهمة يملكها الأخضر تتمثل في المدرب هيرفي رينارد الذي يحظى بحب وثقة اللاعبين، ولديه قوة تأثير عجيبة عليهم. والمدرب الذكي والمؤثر خارج الملعب سلاح قوي يتميز به منتخبنا.
** بإذن الله سيتأهل منتخبنا إلى كأس العالم وسيتبعه فوز النجم السعودي الكبير سالم الدوسري بجائزة أفضل لاعب في قارة آسيا.