عبدالله إبراهيم الكعيد
خلق الله البشر بقدراتٍ متواضعة لهذا ابتكر خيالهم تلك الأساطير التي تحكي عن خوارق أبطال قد لا يكون لهم وجود على أرض الواقع. تُشير معظم كتب السير عن ندرة وجود أمة لا تخلو من شخصية أسطورية تمتلك قدرات خرافية تحضرُ وقت الأزمات لتنقذ الناس من سطوة الكوارث التي تحل بهم أو تُخلّصهم من شرير مُتسلّط عجزوا عن مواجهته.
تجاوزت حكايات أساطير القوى الخارقة إلى ابتكار رفاهية فانتازية فاخترعت أذهانهم بساطا للريح يمتطيه المسافر دون تكبد عناء شراء تذاكر طيران أو مآزق حجز السفر كمواسم الإجازات وغيرها. بساط متخيّل يتنعم المسافر عليه بالنسمات العليلة ومشاهدة الطبيعة من الأعالي وقيل (والعهدة على الراوي) إن بإمكان الأثرياء مثل شهبندر التجار وحاشيته اصطحاب من يُسليهم (في بساطهم الخاص) ليروي حكايات كوميدية مضحكة تُعينهم على تحمّل ساعات السفر الطويلة.
الفنان الكبير فريد الأطرش تغنى عن ذلك البساط من كلمات بيرم التونسي
بساط الريح يا أبو الجناحين
مراكش فين وتونس فين
وكأن الطيّار هنا قد أضاع الطريق وفقدت أبراج المراقبة اتصالها ببساط (ريح فلاي) كي تسأله أنت فين؟
لنترك خرافة بساط الريح ومكنسة الساحرات جانباً وأقول:
لجأ الإنسان إلى تخيّل أساطير تجترح المعجزات كي تُعبّر عن خوفه وضعف قوته، هذا غير ميله للحكايات تلك الوسيلة المُسلية التي تملا لياليه الطويلة التي لا يجد فيها ما يشغله. فكانت الأسطورة التي تشبع خياله.
أعود لحكاية قصص أبطال الخرافة، وأسأل هل تعتقدون بأن جيل (Z) وهم يعرفون أسرار الذكاء الاصطناعي قد يُصدّقون وجود شخوص بشريّة تمتلك قوى خارقة كشمشون الجبّار؟ الذي تقول عنه الأساطير أنه قد قتل أسداً بيديه المجردتين. وأنه استخدم عظم فك حمار لقتل (1000) رجل من أعدائه؟ والطامة قدرته على زحزحة أبواب مدينة غزة ونقلها من مكانها إلى قمة الجبل! وغيرها من خرافات.
صفوة القول: أعتقد بأن أولئك الذين نسجوا تلك الأساطير الخيالية لم تك أهدافهم تضليل الأجيال أو الاستهتار بعقولهم، لأنهم حاولوا (في ظل غياب العلم) تفسير المجهول فكانت تلك الأساطير الخرافية وسيلتهم لإعطاء معنى للأحداث والظواهر التي صَعُبَ عليهم تفسيرها. لكن اللوم من وجهة نظري وقد أكون متطرفاً في لومي هذا على أولئك الذين أعادوا إنتاجها في عصرنا الحالي بمسلسلات درامية كأنها حقائق واقعية وليست أساطير من نسج الخيال.