صالح الشادي
تشهد المملكة العربية السعودية في عهد قيادتها الرشيدة نهضة تنموية شاملة، تترجم أحلام الأمس إلى إنجازات ملموسة اليوم، وتجعل من كل منطقة لوحة فريدة تسهم في رسم صورة المستقبل المشرق.
وفي هذا المشهد الوطني الزاخر، تبرز منطقة تبوك كنموذج لامع للتحول التنموي، تجمع بين جذورها التاريخية العريقة وطموحاتها المستقبلية الواسعة.
خلال زيارة سابقة لي إلى منطقة تبوك، تشرفت بلقاء أميرها الغالي صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن سلطان بن عبدالعزيز في مكتبه. حينها لفت نظري بإشارته الكريمة إلى لوحة جميلة مؤطرة بإتقان تزين جدار مكتبه، تحمل حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «يا معاذ، إن طال بك عمر فسترى هنا ما قد ملئ جناناً».
واشار سموه لما تشهده المنطقة من تحولات عظيمة وكأنها تجسد هذه النبوءة النبوية في واقع ملموس.
تبوك اليوم تمثل لوحة فنية رائعة تجمع بين أصالة الماضي وروعة الحاضر، فهي الشاهد الحي على تحول الصحراء إلى جنة خضراء، حيث تمتد المزارع والبساتين في كل اتجاه، وتنتج أجود أنواع الفواكه والورود التي تُصدر إلى مختلف أنحاء العالم. لقد أصبحت المنطقة مورداً زراعياً مهماً بفضل وفرة المياه في باطن أرضها، وتنوع محاصيلها الزراعية، مما يحقق الوعد النبوي الشريف.
ولا يقتصر جمال تبوك على خضرتها الوارفة فحسب، بل تمتد جذورها عميقة في التاريخ، حيث تضم بين جنباتها آثاراً عريقة تعود إلى آلاف السنين. ففي تيماء، حيث بئر هداج الأثري، تسمع همسات التاريخ منذ الألف الأولى قبل الميلاد، وفي قلعة تبوك تستشعر عظمة الحجاج الذين مروا من هنا عبر القرون، أما في آثار شعيب فكأنك تسمع صدى دعوة النبي شعيب لقومه. هذه الآثار وغيرها تشكل متحفاً مفتوحاً يحكي قصة حضارات عظيمة تعاقبت على هذه الأرض الجميلة.
وتحت مظلة رؤية 2030 الطموحة، تشهد تبوك نهضة تنموية شاملة، حيث أصبحت مركزاً للجذب السياحي والاستثماري العالمي. فمشروع نيوم العملاق يمثل نقلة نوعية في مفهوم المدن الذكية والمستدامة، بينما يضع مشروعا البحر الأحمر وأمالا المنطقة على خارطة السياحة العالمية. هذه المشاريع العملاقة وغيرها تعكس الرؤية الثاقبة لقيادتنا في تحويل المنطقة إلى نموذج تنموي فريد.
ولا يمكن إغفال الطبيعة الساحرة التي حباها الله هذه المنطقة، فمن جبل اللوز الشامخ الذي تكلله الثلوج شتاء، إلى شواطئ البحر الأحمر الزاخرة بالحياة المرجانية، إلى وادي الديسة ذي المناظر الخلابة.. نجد طبيعة تتنوع بين البحر والجبل والصحراء، لتقدم للزائر باقة نادرة من المتع البصرية والروحية.
ها هي منطقة تبوك وكغيرها من مناطق المملكة تثبت للعالم أن الإيمان والرؤية الثاقبة يمكن أن يحولا الصحراء إلى جنة، فالنبوءة النبوية بدأت تتحقق، والحلم أصبح حقيقة، والمستقبل يلوح في الأفق بمزيد من الإنجازات.
إنها قصة تحول ستظل تروى للأجيال القادمة، شاهدة على أن الإرادة الصادقة والعمل الدؤوب يمكن أن يحققا المعجزات، ويكتبا فصلاً جديداً من فصول الإنجاز في وطننا المعطاء.