أحمد بني قيس
منذ عقود ظل مفهوم «الوحدة العربية» مجرد شعار يتردد في الخطب والمنابر، ولكن مع مرور الزمن تباينت النظرة إليه بين هل هو حلم رومانسي فقط يراود أصحابه أم ضرورة حتمية لمستقبل شعوب المنطقة؟.
إن الكثيرين يصفون التوحد العربي بأنه مجرد ترف سياسي وفكري بحكم أن الواقع العربي تحكمه اليوم تحديات داخلية عميقة تتنوع بين أزمات اقتصادية وبطالة وفقر وصولاً لدرجة التصارع الإقليمي وتباين أجندات دول المنطقة في تحديد الأولويات، وفي ظل هذه التحديات يصبح الحديث عن الوحدة كما يراه هذا الفريق تجاهلاً صرفاً للواقع أو محاولة لإحياء مشروع تجاوزه الزمن.
لكن الوجه الآخر للكثيرين يرى أن التوحد العربي ليس ترفاً بل ضرورة وأمر وجودي، خاصة أننا في عالم يتجه نحو التكتلات الكبرى كالاتحاد الأوروبي والبريكس وغيرهما؛ ما يجعل العرب في هذا السياق الحلقة الأضعف إذا ظلوا متفرقين، لذا وجب عليهم السعي خلف صنع مقاربة تعيد لهم ثقلهم ومكانتهم في هذا العالم، فلقد أثبتت التجربة أن الشعارات وحدها لا تكفي وهذه المقاربة تقول إن الحل الوحيد القابل للتنفيذ يكمن في الانتقال من فكرة «الوحدة الكاملة» إلى صيغة «التكامل المرحلي»، خاصة أننا نملك كعرب قواسم مشتركة أكثر واقعية وأسهل تنفيذاً يمكننا التوحد خلفها والبناء عليها.
نخلص أخيراً إلى أن التوحد العربي ليس مجرد ترف أو حلم بل ضرورة تحكمها لغة المصالح والواقع، وقد يبدو الطريق طويلاً ومعقداً وهو بالفعل كذلك، لكن غيابه التام يعني بقاء العرب في موقع المتلقي لا الفاعل والضعيف لا المؤثر والتاريخ، وأن الأمم التي لا تتوحد حول قضاياها الكبرى سرعان ما تفقد قدرتها على التعامل معها وإيجاد حل لها.