محمد الخيبري
أشرقت شمس الكرة السعودية هذا الأسبوع في سماء القارة الآسيوية، محملة بانتصارات مدوية أكدت مجدداً أن دوري روشن ليس مجرد تجمع للنجوم، بل هو معقل للقوة والتنافس الذي ينعكس إيجاباً على الأداء القاري.
لقد كانت جولة استثنائية في بطولة دوري أبطال آسيا للنخبة، رسمت فيها أنديتنا فصولاً من الإبهار، مؤكدة أن دوري المحترفين يرفع سقف التوقعات والتميز.
شهدت الجولة تألقاً لافتاً تمثل في ثلاثة انتصارات حاسمة لثلاثة عمالقة من الأندية السعودية. قدم فريق الاتحاد أداءً قوياً ومنظماً ليحقق فوزاً مستحقاً على فريق الشرطة العراقي ويقلب تأخره بالدقائق الأولى إلى فوز عريض ومستحق.
لم يكن الانتصار مجرد حصد للنقاط، بل كان تأكيداً على صلابة البطل السعودي، وقدرته على إدارة المباريات القارية ببراعة تكتيكية عالية.
لم يكتفِ الأهلي بالفوز على الغرافة القطري، بل قدم عرضاً كروياً راقياً أثلج صدور جماهيره.. هذه النتيجة ليست فقط عودة قوية للمنافسة، بل هي إشارة واضحة إلى أن جودة العناصر في «الراقي» قادرة على صناعة الفارق في أصعب المحافل..
أما الزعيم الهلالي، فقد كان انتصاره المثير على السد القطري بمثابة بصمة جديدة تضاف إلى تاريخه القاري العريق.. الفوز لم يأتِ بسهولة، لكنه أظهر العزيمة التي يتمتع بها بطل آسيا الدائم، ليتربع على صدارة مجموعته بجدارة، مثبتاً أن اللقب يستهويه ويستهوي جماهيره.
هذه النتائج القارية الكبيرة ليست مجرد صدفة، بل هي انعكاس مباشر لقوة الدوري السعودي المحترف.. إن وجود هذه الكوكبة من النجوم العالميين والمحليين في الأندية السعودية قد رفع من مستوى التنافس اليومي.
كل مباراة في دوري روشن هي بمثابة اختبار قاري، وهذا يجعل اللاعبين يذهبون إلى دوري أبطال آسيا بلياقة ذهنية وبدنية عالية وبخبرة مواجهة أسماء كبيرة. النجاح القاري يؤكد أن الأندية السعودية لم تستثمر في الأسماء البراقة فحسب، بل في لاعبين لديهم القدرة على التكيف وصناعة الفارق في اللحظات الحاسمة، وهو ما ظهر بوضوح في أداء نجوم الاتحاد والأهلي والهلال.
لقد أرسلت الأندية السعودية رسالة واضحة للمنافسين في القارة: الكرة السعودية قادمة، وبقوة أكبر مما مضى. هذه الهيمنة المتوقعة تجعل من أنديتنا المرشح الأقوى والأصعب للوصول إلى النهائي والتتويج باللقب.
إن ما نراه الآن هو ثمرة عمل احترافي ضخم، يهدف إلى جعل الدوري السعودي واحداً من أقوى الدوريات في العالم، وتأكيد ذلك يكون عبر بوابة القارة الصفراء.
هذا التوهج الآسيوي لم يعد مجرد طموح محلي، بل هو جزء أصيل من رؤية رياضية سعودية طموحة تهدف إلى وضع دوري روشن في مصاف الدوريات العالمية الكبرى. فكل فوز يحققه الهلال والاتحاد والأهلي في هذا المحفل القاري لا يسجل كنقطة في رصيد النادي فحسب، بل يُعد إضافة قيّمة لمؤشر القوة التنافسية للكرة السعودية بأكملها.
لقد تحول الدوري السعودي إلى جاذب عالمي بفضل هذه النتائج، حيث يرى النجوم الكبار أن اللعب هنا لا يعني الابتعاد عن الأضواء، بل هو نافذة للمنافسة الجادة على أعلى المستويات القارية.
هذه الانتصارات هي شهادة على أن الاستثمار الضخم بدأ يؤتي ثماره، ليس فقط في جودة اللاعبين، ولكن في احترافية الإدارة الفنية والمنظومة الكروية المتكاملة التي تدفع بـ «قوة التميّز السعودي» نحو آفاق جديدة.
قشعريرة
في لقاء إعلامي طال انتظاره، قرر الأستاذ ياسر المسحل، رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم، أن يواجه المنطقة الرمادية في الوسط الرياضي بشفافية الرئيس. لم يكن الحديث عادياً، بل كان تفكيكاً لهواجس الشارع الرياضي، وتوضيحاً لقضايا تراوحت بين شرعية البقاء وبين تدوين التاريخ الكروي الأسطوري. لقد وضع المسحل نفسه في قلب العاصفة، مقدماً رؤية قد تبدو صارمة أو بيروقراطية للبعض، لكنها من منظور رئاسة الهيئة التشريعية للكرة السعودية، تعتمد على اللوائح والإجراءات الرسمية.
لقد أعاد المسحل رسم العلاقة بين الرئيس والجمهور، مذكراً بأن السلطة التنفيذية تحكمها آليات انتخابية، وهي رسالة للمطالبين بضرورة تحويل ضغطهم إلى قنوات شرعية ومؤسساتية. أما في قضية كأس السوبر، فقد فجّر المسحل قنبلة إجرائية مثيرة للجدل، اعترافه بأن لقب السوبر الذي حققه الأهلي «مهدد بالسحب» في حال حكم مركز التحكيم الرياضي للقادسية بالانتصار (3-0) بعد اعتذار الهلال عن المشاركة، يضع الكرة السعودية أمام سابقة إدارية نادرة.
إنه يثبت أن اللوائح فوق العواطف، وأن هناك احتمالاً واقعياً بتغيير بطل البطولة بعد أشهر من التتويج، مما يعكس حساسية ودقة القرارات القانونية التي تحكم المسابقات المحلية.
القضية التي هزّت الوسط الجماهيري كانت حديث المسحل عن أسطورة النصر الكابتن ماجد عبدالله، وإصراره على أن الأخير لم يفز بلقب أفضل لاعب آسيوي بشكل رسمي، لأن الاتحاد الآسيوي لم يبدأ في تنظيم الجائزة رسمياً إلا في عام 1994.
المسحل لم ينكر عظمة ماجد، بل أكد أنه أسطورة وحبب الناس في كرة القدم، لكنه وضع خطاً فاصلاً بين التوثيق الرسمي والإنجازات غير الرسمية التي كانت تُمنح من جهات إعلامية. هذا التصريح يُعد طعنة في قلب التدوين التاريخي غير الموثق رسمياً، ويثير زوبعة من التساؤلات حول مسؤولية الاتحاد السعودي نفسه في توثيق إنجازات نجومه العظام، ومواءمة التاريخ العاطفي مع الوثائق الرسمية.
في الختام، خرج المسحل ليقول إن الاتحاد السعودي يديره «لائحة» قبل أن تديره جماهيرية. تصريحاته كانت بمثابة اختبار للعلاقة بين اللوائح الصارمة والأحلام الجماهيرية. ويبقى السؤال: هل ستنجح هذه الشفافية في احتواء الغضب أم ستزيد من حدة النقاش حول ضرورة مراجعة بعض الملفات التاريخية والإجرائية في الكرة السعودية؟.