أ.د.صالح معيض الغامدي
تعد نسبة كتابة العمل الإبداعي الأدبي وغير الأدبي إلى غير صاحبها الحقيقي تزويرا عند كثير من الناس، لا يُقبل لا أخلاقيا ولا شرعيا ولا قانونيا، باستثناء كتابة السيرة الذاتية التي أصبحت كتابة الظل (ghostwriting ) فهي منتشرة ومسوغة ومقبولة ممارسة وقانونا، طالما أن ثمة اتفاقا موقعا بين الكاتب الخفي وصاحب السيرة الذاتية.
والسؤال الذي يطرح هنا هو: لماذا ساغ هذا الأمر وقُبل في السيرة الذاتية ولم يقبل في غيرها؟
ويمكن الإشارة هنا إلى أهم الأسباب والمسوغات التي تطرح عادة للإجابة على هذا السؤال:
1- أحداث السيرة الذاتية أحداث خاصة بصاحب السيرة ولا ينازعه أحد فيها، وهو الذي يوفر مادة السيرة وأحداثها لكاتب الظل، وهو الذي يقرر ما ينشر منها وما لا ينشر، ويتدخل في كل شؤونها، ولا دخل لكاتب الظل في الغالب في كل ذلك. ولذلك فحقوق السيرة الذاتية محفوظة لصاحبها.
2- أصحاب السير الذاتية الذين يستعينون بكتّاب ظل هم في العادة أشخاص مشغولون جدا بأعمالهم الإدارية والتجارية والوظيفية.. إلى آخره.، ولا يجدون الوقت الكافي لكتابة سيرهم الذاتية ولذلك فهم يستعينون بكتّاب الظل، وليس من المعقول أن تنسب السيرة الذاتية إلى من كتبها وحررها وليس إلى صاحبها الذي عاش أحداثها، ونادرا ما يذكر أو يعرف اسم كاتب في السيرة الذاتية.
3- كتابة الظل في السيرة الذاتية تتم دائما وفق عقد موثق يبرم بين صاحب السيرة وكاتب الظل، يوضح فيه مقدار المكافأة المالية التي يأخذها كاتب الظل لقاء عمله، وحقوق الطباعة والنشر التي يتحصل عليها صاحب السيرة، وهذا الأمر يحسم البعد القانوني في هذا النوع من الكتابة.
4- المهم عادة في السير الذاتية مضامينها وليست صيغ كتاباتها، والمضامين هي السبب الرئيس لكتابة السيرة الذاتية، وإلا لما كان لها وجود كتابي أصلا. فالشكل في السيرة الذاتية تأتي أهميته ثانوية بالنسبة لأهمية مضامينها.
5- كثير من الناس المشهورين وغير المشهورين يمتلكون تجارب حياتية مثيرة وجذابة ومفيدة لكنهم لا يمتلكون القدرة الأدبية على كتابتها، ومن الخسارة بمكان عدم تدوين هذا النوع من السير وإبرازه للناس.
6- هناك كُتاب ظل متطوعون يتولون كتابة سير بعض الشخصيات الذاتية التي امتلكت تجربة حياتية ثرية، ويخشى عليها من النسيان والتلاشي، ولذلك يقوم بعض كتاب الظل بانتداب أنفسهم للقيام بكتابة هذه السير بالتعاون مع أصحابها رجالا ونساء، وبخاصة أولئك الذين لا يجيدون الكتابة.
7- وربما يكون آخر مسوغ لكتابة الظل في السيرة الذاتية هو أن هذا الضرب من الكتابة أصبح أسلوبا شائعا ومقبولا ومعترفا به ربما في كل بقاع العالم، وأن كتابة الظل قد صارت مهنة معترفا بها يسترزق منها كتابها!!