رمضان جريدي العنزي
لكل إنسان الحق في تشكيل ذاته وتجديد روحه، بما يتناسب مع تطوره الشخصي وعمره وتطلعاته، الحياة رحلة مستمرة من التغيير والنمو، ومن حقنا أن نغير قناعاتنا بعد تجاربنا وخبراتنا، من حقنا أن نعيد ترتيب أولوياتنا، ونختار الأماكن والأشخاص الذين يضيفون قيمة لحياتنا، دون الحاجة لتبرير ذلك لأحد، لسنا ملزمين بالبقاء في إطار واحد أو التمسك بقناعات لم تعد تخدمنا أو تفيدنا أو تجلب لنا الضيق والتوتر والصداع، من حقنا أن نعيد برمجة الذات، وأن نخلع عنا ما لم يعد يشبهنا، ونمنح أرواحنا فرصة للتجديد والنمو والتطلع، الذات ليست جامدة، بل كائن حي يتطور، يتعلم، ويعيد اكتشاف نفسه مع كل تجربة، من حقنا أن نحرر أنفسنا من بعض قيود الماضي التليد الذي بعضه لا يفيد، من حقنا أن نتجرد من صيغ لم نعد ننتمي إليها، ومن أدوار فرضت علينا تحت مسميات متنوعة، ومن مربعات رسمت لنا، ومن قصص وحكايا رويت لنا، جل بعضها لا يصدقه العقل والمنطق ولا ترتقي للحقيقة، من حق أرواحنا أن تتنفس، وأن تزدهر، وأن تهوى الربيع، وتلفظ الخريف، من حقنا أن نجد نغمتنا الخاصة وسط ضجيج الزور والبهتان، لسنا مضطرين أن نظل نسخاَ قديمة من أنفسنا لكي يُرضى عنا، يولد النور حين نمنح أنفسنا الإذن بالتجديد والتغيير والبدء كالإشراقة، كل مرحلة عمرية من حياتنا تتطلب نسخة جديدة منا، تفكيرنا، اختيار بيئة جديدة، فرز وتقييم الأصدقاء، والاقتراب من أشخاص حقيقيين ومثاليين وصادقين يشاركوننا الهموم وقضايا الحياة ويغذون أرواحنا بالود الصادق والثبات والشفافية، من حقنا أن نعيد تقييم العلاقات التي تحيط بنا بشكل دقيق وذي بُعد يجلب لنا المسرة والراحة والهدوء بعد تعب في الحياة طويل، لسنا أشجارًا ثابتة في الأرض، بل نحن كالأنهار، نتحرك، نتغير، ونحفر مسارات ومخارج جديدة، من حقنا أن نجعل حياتنا كلوحة نضيف لها أحياناً ألواناً جديدة، أو نمحو خطوطاً قديمة، أو حتى البدء بلوحة بيضاء تمامًا، هذا ليس فشلًا، بل إبداع، نحن الأدرى والأعرف بما يناسبنا، وكل خطوة نخطوها هي جزء من رحلتنا الفريدة في التغيير والتبديل نحو الأفضل والأحسن والتمام، وهي العودة الصادقة نحو الحياة البهية الزكية. المهم أن يصاحب ذلك التمسك بديننا وقيمنا وأخلاقنا.