محمد العشيوي - «الجزيرة»:
في ليلة لبنانية الطابع، سكنت الموسيقى مسرح أبو بكر سالم، حيث حملت الأمسية الفرح والبهجة، وجمعت النجمين وائل كفوري وإليسا ضمن حفلات «موسم الرياض»، ليلةٌ كانت مبتهجة بكل تفاصيلها، من الأضواء إلى الإيقاع، ومن التنظيم إلى التفاعل، لتؤكد أن «موسم الرياض» لا يقدّم حفلات فنية فحسب، بل يصنع تجارب إنسانية يتقاطع فيها الفن والجمهور في مشهدٍ وطنيٍ استثنائي.
لكن القصة لم تكن فقط عن نجمين تألقا فوق الخشبة، بل عن جمهورٍ صنع من حضوره سيمفونيةً من الفرح، فكان هو النجم الأول والملهم الأجمل في ليلةٍ لبنانيةٍ بامتياز، عكست كيف يمكن للحبّ والموسيقى أن يلتقيا تحت مظلة واحدة تجمع الذوق العربي بروح الفرح السعودي.
الأمسية امتدت لأكثر من أربع ساعات متواصلة، افتتحتها إليسا بصوتها الدافئ وأغانيها التي حفرت في ذاكرة الجمهور العربي، وختمها وائل كفوري بنكهته الطربية الرومانسية التي وثقت لحظات من الفرحة على خشبة المسرح.
وفي المؤتمر الصحافي، عبّرت إليسا عن سعادتها الغامرة بلقاء جمهورها السعودي الذي وصفته بـ(الذواق والمتذوّق الحقيقي للموسيقى)، مؤكدة أن مشاركاتها المتكرّرة في «موسم الرياض» نابعة من حبها الكبير لهذه التجربة، مضيفة أن المملكة باتت اليوم (محطة أساسية للترفيه في العالم العربي، ووجهة للفن الراقي الذي يليق بالجمهور ويقدّر الفنان على المسرح).
أما وائل كفوري، فاستعاد ذاكرة اللقاء السابق الذي جمعه بفنان العرب محمد عبده حين قدّما معًا رائعة «أبعاد»، ليكرّر تقديمها في هذه الليلة بإحساسٍ متجدّدٍ جعل الجمهور يعيش لحظاتها وكأنها المرة الأولى.
تنقّل كفوري بين روائعه التي حفظها الجمهور عن ظهر قلب، بأعمال فنية منوعة، فكانت كل أغنية تفتح بابا من الذكريات والحنين، وتعيد صياغة العلاقة العاطفية بين الفنان ومحبيه، هكذا أثبتت الليلة أن النجاح لا يقاس فقط بما يقدم على المسرح، بل بما يستقبل في القلوب، وأن الجمهور في «موسم الرياض» ليس مجرد متفرج، بل شريك في صناعة الفرح، تلك الليلة اللبنانية كانت مرآةً لفلسفة «موسم الرياض»، حيث لا حدود للفن، ولا مسافات للمشاعر، وحيث تُصبح الموسيقى لغة مشتركة تجمع العالم تحت سماءٍ واحدة.
ولم يكن المسرح الذي احتضن هذه الليلة العاطفية مجرد مكانٍ للحفل، بل ذاكرة حية للفن السعودي والعربي، فمن على خشبته مرت أصوات خالدة، وتجلّت لحظات صنعت مسيرة لا تنسى، ويقف مسرح أبو بكر سالم اليوم كرمز للهوية الفنية في «موسم الرياض»، يجمع بين عبق الاسم العريق الذي حمل راية الأغنية السعودية، وروح الحداثة التي تجسّدها فعاليات الموسم.