إيمان الدبيّان
عندما تجتمع مدرستان فكريتان متوازيتان ومتوازنتان منهجاً وفكراً وقيادة وولاء؛ حتما سيتحقق الأمان الديني والوطني والعلمي بصورة تكاملية لا تتجزأ.
هاتان المدرستان تتمثلان في وزارة الدفاع بقيادة وزيرها، وبرئاسة الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي برئاسة معالي رئيسها؛ وذلك من خلال إقامة الدورة المكثفة لحفظ ومراجعة القرآن الكريم لعام 1447هـ، في شهر ربيع الثاني في رحاب المسجد الحرام، والتي هي ثمرة من ثمار الشراكة بين الرئاسة ووزارة الدفاع ممثلة بإدارة الشؤون الدينية.
رجال أمننا حماة وطننا صمام الدفاع عن شعبنا ومملكتنا يتسلحون بأحدث وأفضل التجهيزات والتقنيات عمليا، ويتحصنون بأقوى الدروع دينيا وعقديا بالقرآن الكريم حفظا وتلاوة واستذكارا ومراجعة، في أطهر بقاع الأرض بجوار الكعبة المشرفة، بالقرب من مهبط الوحي على سفوح أم القرى المعظمة، وبتمكين ورعاية من رئاسة الشؤون الدينية التي فتحت مرافقها وفرغت مدرسيها، واحتفت بالختام بمشاركيها في هذه الدورة التي تهدف منها إلى تعظيم كتاب الله تعالى في نفوس المشاركين، ومساعدتهم على إتمام الحفظ والمراجعة في بيئة دينية تربوية محفزة، ترفع من هممهم وتعينهم على الإتقان؛ مما يؤسس إلى بناء جيل قرآني متمكن يحمل القرآن علما وتطبيقا، خلقًا وسلوكًا، ويسهم في خدمة دينه ومجتمعه ووطنه متدرعا بالانضباط والجدية وأخلاق القرآن الإيمانية.
ليس غريبا أن نشاهد هذا التعاون الفاعل والجهد المتكامل بين الجهتين فالوزارة لها أدوارها ومشاركاتها المتنوعة بين الاجتماعية والعلمية والطبية والدينية وغيرها، والرئاسة لها مبادراتها المتعددة و النوعية في مجالات مختلفة ومنها: المشاركات مع الجهات الأمنية بدعم من أئمة الحرمين وخطبائهما؛ وخاصة معالي الرئيس الذي كان أول من دعا لرجال أمننا صراحة، ونادى في بعض خطبه وتوجيهاته في المواسم والمناسبات إلى التعاون مع رجال الأمن، والتكاتف بالالتزام بالتعليمات الأمنية والتقيد بالتصاريح التنظيمية، فلا حج بلا تصريح، ولا عبادة بمزاحمة ومدافعة بنصحٍ مباشر بلا تلميح.
مما يعمق التعاون ويشجع على الولاء لدى المقيم والمواطن عندما يجسد هذا الرمز الديني الانتماء الوطني والتكاتف مع القطاع الأمني عبادة وسلوكا وتربية وخطبا وكلمة ودعاء.
الدفاع عن الوطن تتوثق مساراته وتتعمق دفاعاته عندما يحصن الفكر أمنيا بالعلم النافع والمنهل الساطع، وتهذب النفس دينيا بالوسطية والاعتدال، والتسامح بلا ضلال، وتُجذب القلوب ولاء وانتماء لقادتنا وثرى أرضنا.
وهذا ما نلمسه ونجده في هذه الدورات المشتركة، وفي خطب معالي الرئيس المثرية، وفي عبارات دعائه المؤثرة، وفي كلماته التوجيهية المستشعرة، حفظ الله أمننا ودفاعنا، ورعى بعينه ولاة أمرنا وعلماءنا وأئمتنا، وأبقى بالرخاء والنعم وطننا وشعبنا، وضاعف مثل هذه الدورات المشتركة المثمرة لرجالنا ونسائنا.