بدر الروقي
سأبدأ من حيث انتهى بكلامه عن مشاهير المحتوى الهابط (وزير الإعلام) الأستاذ سلمان الدوسري.
معالي الوزير سأل سؤالاً صادقاً ثم أجاب بإجابة - شافية وشفّافة - سأل متعجبًا: من صنع مشاهير المحتوى الهابط؟!
لينطق بعدها بمنطق - يحْملُ ويُحمِّل - في طياته انتقادا حادا للجماهير التي تقف خلف هؤلاء السُّذَّج.
ووضَّح في معرض حديثه أن دواء هذا الداء المجتمعي هو (المقاطعة) ولا غير المقاطعة.
بلا شك أن معالي الوزير وضع يده على - الخلَل والحل - في آن واحد، وأشار إلى أنه لا يجتمعان معاتَبة - ومتابعة؛ إذا أردنا كمجتمع محافظ أن نتخلص مما يقدمه صناع المحتوى من تراهات وسخافات.
ولكن ما يُثير الدهشة ويؤجج الاستغراب ويبعد احتمالية فرص ما يتمنى معالي وزير الإعلام ونتمنى، أنَّ منتقدي تصرفات هؤلاء المشاهير من جماهير التواصل الاجتماعي هم الأكثر تأثراً بهم ومتابعة لهم.
يصبون عليهم سيل نقدهم في الليل، ويتتبعون محتواهم في النهار.
وهم بهذا قد بذلوا لهم «أوقاتهم وأقواتهم».
وفي النهاية نجد الكاسب الأكبر في كل جولة أولئك الذين تساوت لديهم معادلة - المدح والذم- خاصة إذا تعلق الأمر بالبحث عن زيادة الإضافات، وارتفاع المشاهدات.
ثم إذا نظرنا وشاهدنا حجم -الإنفاق والنفاق- المجتمعي المتصل والذي يصب في مصلحة هذه الفئة من السذّج؛ تأكَّد لنا بما لا يدع مجالاً للشك أننا أمام مرحلة يصعب فيها أن نصدِّق أو نتوقع إمكانية إقلاع جماهير التواصل الاجتماعي عن متابعتهم في الوقت الحالي على الأقل.
وهذا يجعلنا نستذكر قول طرفة بن العبد:
«خلا لكِ الجوّ فابيضي واصفري»
نردده عندما يغيب العقلاء، ويحضر مثل هؤلاء؛ ليقودوا المشهد، ويستحوذوا على الأجواء، وكأنَّ الزمن زمنهم، والجو خلا لهم.