رمضان جريدي العنزي
المثقف ليست كلمة بسيطة أو هينة، ولا مجرد وصف يُطلق عشوائيًا على كل من هب ودب ولغى وهمز وتثيقف، بل تحمل عمقًا يعكس الوعي والمعرفة الواسعة، المثقف هو من يمتلك ثقافة شاملة، تجمع بين العلم، الأدب، المعرفة، الفكر الواسع، الحكمة والبصيرة والمعلومة الثمينة، والوعي الاجتماعي، مع القدرة على تحليل الأمور بعقلانية ونقدية هادفة وبناءة. إن المثقف شخص لا يكتفي بجمع المعلومات فقط، بل يسعى لفهمها واستيعابها وتوظيفها في سياقات حياتية مختلفة، مع انفتاح على وجهات نظر متنوعة ومختلفة. إن المثقف هو من تجاوز المعرفة السطحية إلى فهم أعمق وأدق وأشمل، وهو الذي يمتلك وعيًا بقضايا المجتمع، ويشارك في النقاشات الفكرية، ويسعى لنشر المعرفة أو التأثير الإيجابي في محيطه، إن الحوارات الثقافية التي لا تضيف للمجتمع أي شيء ذي فائدة عميقة، مجرد عمل مليء بالرتابة، وغير واقعي ولا يؤدي إلى أي نتائج مثمرة أو نجاح مطرد، لا على المستوى الشخصي ولا الاجتماعي، بل هي مجرد حوارات جدلية عقيمة تدور فقط من أجل الجدل والظهور والفلاش والصورة، دون هدف واضح أو رغبة في الوصول إلى نتيجة، هذا النوع من الحوارات الاجتهادية قد يبدو ظاهريًا عميقاً لكنه في جوهره: لا يغير واقعاً، ولا يبني وعياً، ولا ينتج عنه أثر ملموس، بل يستنزف الطاقات الذهنية، ويستبدل العمل الحقيقي بالكلام الممل، والتنظير الرتيب، بل قد يخلق نوعًا من الاستعلاء الفكري الزائف، والتباهي المعرفي الكاذب، وسطحية المضمون والغاية والهدف..
إن تصنيف المثقف لا يتم بشكل عشوائي وعبثي، وليس مجرد إهداء تذكاري يهدى لشخص آخر حسب العلاقة والرضا والمزاج، وليس هبة تعطى بلا مقابل حسب الهوى، بل يتم تصنيف المثقف بالاعتماد على عدة معايير تختلف باختلاف السياقات الثقافية، وبشكل عام، يمكن تحديد الأسس التالية لتصنيف المثقف:
- المجال المعرفي. - الملف الأكاديمي. - المثقف العام. - المثقف الناقد. - المثقف الملتزم. - الإنتاج الفكري. - العمق المعرفي. - التجديد والابتكار. - اللغة والتواصل. - التأثير والتفاعل. - سنوات العطاء.
إن تصنيف المثقف لا ينبغي أن يكون اعتباطياً بل وفق منهجية قويمة وبناءة وبعيداً عن العشوائية والذاتية والفئوية والتحيزية والرضا والمزاج، والتي لا تصنع مثقفاً، ولا تبني ثقافة، ولا تعطي نتيجة.