أحمد حفيص المرحبي
منذ أن وطأت قدما البرتغالي كونسيساو أسوار نادي الاتحاد، بدا واضحاً أنّ الرجل لا يبحث عن تجميل واقع أو إعادة تدوير أعذار جاهزة، بل جاء ليعالج جوهر المشكلة: غياب القيادة والشخصية داخل الملعب وعلى خط التماس بالذات.
الاتحاد بعد انطلاق الموسم لم يكن ينقصه أسماء، ولا نجوم، ولا ميزانية، فقط كان ينقصه شخصٌ يقول للجميع: توقّفوا قليلاً، هكذا نلعب، هكذا نقاتل، هكذا نقرر.
مباراة الكأس أمام النصر كانت صعبة جداً وكانت إعلان بيان شخصية اتحادية جديدة، النصر لم يخسر في الدوري تحت قيادة جيسوس، الذي دخل اللقاء بثقة العارف بقوته، لكن الاتحاد ظهر لأول مرة هذا الموسم كفريق يعرف ما يريد ، ليس ردّة فعل، بل مبادرة بشكل مختلف جعلت العجوز النصراوي يضع كل شيء جانباً ويجلس تائهاً محتاراً متسائلاً! هل هذا الفريق الاتحادي هو الذي هزمته في مباراة الدوري بسهولة؟!
كونسيساو لم يقدِّم تكتيكاً سحريّاً معقداً، ما فعله كان أبسط وأعمق:
- تنظيم خطوط واضح، كل لاعب يعرف أين يقف، متى يتقدّم، ومتى يتراجع، انتهت مرحلة العشوائية واللعب على المزاج.
- قيادة ذهنية وحضور نفسي وروح عالية، الفريق لم ينهر عند أول ضغط، لم يخضع لإيقاع النصر، بل فرض إيقاعه.
- قرارات فورية داخل المباراة، تغييرات لها معنى، تدخلات محسوبة، لا انتظار حتى تنتهي المباراة وحدها دون تحريك ساكن مثل سلفه بلان.
وأهم تغيير في ظل النقص العددي وعندما رأى عدم جدوى استمرار بنزيما قرر تغييره وإشراك بيجروني الذي أنعش المقدمة وتسبب في قلق نصراوي بالغ، وهنا تظهر شخصية المدرب ففي السابق لم يجرؤ أحد على استبدال بنزيما إلا في حال هو طلب ذلك ولكن الوضع مع البرتغالي اختلف.
هذه هي النقطة الأهم، الاتحاد أخيراً يملك قائداً خارج الخط يعيد تشكيل القائد داخل المستطيل الأخضر. ما كان يفتقده الاتحاد في فترات سابقة هو الرجل الذي يقول: أنا المسؤول، ليس اللاعبون، ولا الإدارة، ولا الإعلام. مدرب يعرف أن كرة القدم ليست مجرد خطط، بل شخصية وعنفوان لفريقه.
وهذا بالضبط ما فعله كونسيساو، أعاد هيبة الاتحاد.. أعاد الثقة للاعبين ولأنصار الاتحاد.. أعاد الاتحاد الذي حين يدخل الملعب، يفرض احترامه قبل تسجيل هدف واحد.. إن كان هذا هو الشكل الأولي للمدرب، فالمشهد القادم قد يكون عودة الاتحاد لمنصة المنافسة الحقيقية، لا مجرد أسماء ثقيلة على الورق.. الاتحاد وجد المدرب الذي قبل التحدي في وقت صعب ليقول للاعبين: ارفعوا رؤوسكم، الباقي علينا.