محمد العشيوي - «الجزيرة»:
يُعد معرض «أنا عربية» أحد أبرز الفعاليات المتخصصة في الأزياء والموضة والإبداع العربي، ضمن فعاليات «موسم الرياض»، حيث يحتفي بالمصممات والمصممين العرب ويُشكّل منصة تجمع بين الفنّ والتصميم والفرص التجارية، على مدار نسخته والتي انطلقت النسخة الأولى منه في عام 2019 وحقق المعرض نمواً لافتًا في المشاركة والانتشار، مما يجعله محطة بارزة في خريطة الأحداث الإبداعية بالسعودية والمنطقة، وفي مسار التطور والنمو للمعرض، بحلول النسخ اللاحقة حتى قبل انطلاق النسخة المقبلة، نما المعرض من حيث عدد المشاركين، الدول الممثّلة، والمساحة المنظّمة. وفي نسخة 2025، أعلن أن «موسم الرياض» أنه يضم أكثر من 300 مصممة ومصمم وعلامة تجارية من 22 دولة عربية، سيقام على مساحة تفوق الـ12 ألف متر مربع في منطقة «فيا رياض»، إذ سيتوزع في نسخته الجديدة 2025 على ثلاث مناطق تصميمية مميزة.
إبداع المرأة العربية
ويحقق المعرض العديد من الأهداف منها إبراز قوة المرأة العربية في مجال التصميم والإبداع، وتمكينها من عرض أعمالها وتسويقها، وخلق منصة تجمع بين المصممين العرب، وبروز العلامات التجارية، وحضور المستهلكين الباحثين عن التجديد والأصالة، إضافة إلى تعزيز دور المملكة كمركز إبداعي للموضة والعلامات العربية لتكون أيضا وجهه للموضة والفنون، إضافة إلى تقديم تجربة متكاملة للزوار ليست فقط بالتسوق، بل تجربة ترفيهية وثقافية، وتحويل الإبداع إلى نشاط اقتصادي وثقافي.
ويوفر المعرض منصة حيوية للمصمّمات السعوديات والعربيات لإبراز أعمالهن وتسويقها ضمن جمهور كبير، يسهم في التحفيز الاقتصادي لقطاع الأزياء والإبداع داخل المملكة، ويخلق فرص عمل وتشبيكًا تجاريًا، ومن منظور ثقافي واجتماعي، يُعيد صياغة صورة التصميم العربي كمجال مهني جاد ومبدع بدل كونه مجرد هواية.
ولادة للموضة العربية الحديثة
أما عن الأبعاد التي يحتضنها المعرض فلا يعد مشاركة المرأة العربية مجرد مشاركة، بل محور رؤية المعرض على الإبداع، والتصميم، والقيادة، ويعكس المعرض انتقالاً من (مستقبل المرأة في الموضة) إلى «حضور المرأة في الموضة»، من خلال توفير منصة للمصممات العربيات، ويسهم المعرض في تقليل الفجوة التقليدية بين مبتدئات التصميم والمصممات المحترفات، ويمنحهن ثقة في طرح أعمالهن أمام جمهور كبير.
ويعبّر المعرض عن أبعاد الهوية والتمثيل من تصميم عربي، ولمسة حرّة، وإبراز الخصوصية دون التزامات نمطية، إذ إن عبارة (أنا عربية) تؤكد قوة التسمية والملكـيّة الذاتية، كما أن المعرض يربط بين الجانب الاقتصادي والجانب الاجتماعي من خلال تحول الإبداع إلى منتج قابل للعرض والشراء، مما يعزّز دور المصممة كمبدعة ورائدة نشاط تجاري.
وفي البُعد الثقافي والإنساني، ينقل المعرض رسالة بأن الفتاة أو المرأة العربية ليست فقط موضوعاً للموضة، بل فاعلة فيها، وأن إبداعها يستحق أن يُعرض ويُحتفى به، بدلاً من أن يكون خلف الكواليس، ومن منطق «أنا عربية» يخاطب أبعادا إنسانية تتعدى الموضة إذ إنه احتفاء بـ(الذات) أن تدرك المرأة أنها عربية، مبدعة، لها كيان، ويعد المعرض تحفيز للعطاء والإبداع، وأن الفن والتصميم ليسا ترفاً فقط وإنما وسيلة للتعبير والتأثير، ويمزج بين الفن والاقتصاد والمجتمع، ويعد هو تلاقٍ بين التراث والحداثة، بين الهوية والقيمة العالمية، بين المحلية والانفتاح، ما يجعل الموضة لغة عالمية تحمل بصمة عربية.
وفي فضاءٍ فخم كالمنطقة الراقية «فيا رياض» التي تستضيف المعرض بالفترة من 3 إلى 8 نوفمبر، يبدو «أنا عربية» كمرآةٍ لمرحلة ناضجة، وجمهور يُحسِن الاختيار، وسوقٌ يثمّن الأصالة، وإذا كانت الفخامة في جوهرها ندرة ومعنى، فإن المعرض يبرهن أن المعنى الأثمن اليوم هو تمكين المرأة العربية لتكون اسم تجاري وحكاية في آنٍ واحد.