عبدالعزيز صالح الصالح
يسعد المرء حينما يرى جهود هؤلاء الهواة والباحثين عن تراث الآباء والأجداد، وقد نشطت أعمالهم وخطواتهم وبدأوا بالبحث والتنقيب عن المقتنيات التراثيَّة النادرة في بطون الكتب، وفي أماكن الآثار المعمورة الَّتي اكتنفها بعض الغموض فإن الباحث يحاول بقدر المستطاع جمع هذه المقتنيات التَّراثيَّة من شتَّى الأماكن حتى تضيف إلى متحفه الخاص كل شاردة، ويقتنص كل واردة حتى تكون الحصيلة أعدادا كبيرة متعدِّدة الأنواع أو تقل حسبما نالته يداه، أو وقع نظره عليه، ولا شك أن هذه المجهودات كبيرة وشاقَّة تحتاج إلى قوَّة وعزيمة وإصرار وطول صبر وجلد وكدِّ حتى يخرج هذا العمل مكتملاً بشتَّى جوانبه، حيث إن الكل مِّنَّا يدرك تمام الإدراك أن لكل عمل من الأعمال مراجع ومصادر وطرقا خاصَّة فإن المقتنيات التَّراثيَّة تتواجد موادها على الطبيعة، ولو أن الأمر سار على هذا المنهج وعلى هذه الطريقة لابُدَّ أن المشاهد والمتابع يكون على قناعة ودرايَّة تامة بأن أصحاب الهواية في هذا المجال قد قدموا أعمالا جساما تخدم هذا التَّراث العريق، تراث الآباء والأجداد، فإن هذه القائمة الطويلة تحتوي على العديد والعديد من المقتنيات التَّراثيَّة التي يصل أعدادها أكثر من نوع، فهذا العمل يبين للزائر والمشاهد والمتابع مقدار ما بذله العاشق لهذا التَّراث العريق - الأستاذ أحمد بن ناصر بن محمد التِّوِيم التَّميمِّي، (من محافظة الدِّرعيَّة) من معلومات توازي مجهودات البحث والتنقيب، فالغرض من ذلك المحافظة على هذا التَّراث إلى جانب الإلمام التَّامَّ بكل ما يدور حول محيط متحفه من مقتنيات تراثية مِّمَّا تجعل هذه المحصلة تشبع رغبة الزائر والمشاهد على أكبر قدر ممكن من تلك المقتنيات التَّراثيَّة إلى جانب المعلومات التَّاريخيَّة عن حياة الآباء والأجداد في تلك الحقبة الزَّمنيِّة، وتشمل هذه المصادر الكثير من الكتب والمعارف الإنسانيَّة التي أصبحت كمراجع مهمَّة فإن قيمة البحث تكمن ما توصل إليه العاشق لهذا التَّراث الذي يعتبر ثروة أثريَّة هائلة، فإن الباحث يعطي صورة رائعة لهذا المتحف الخاصِّ وبصورة بلا شطح ولا تزييف... وبصورة نابعة من أعماق النَّفس البشريَّة... فهو يقدم الحقيقة في ثوب بهي الإبداع والجمال والرؤية فهذه الأعمال تعتبر علامات بارزة ومضيئة على دروب الإنسانيَّة الصَّاعدة أبداً... نحو قمم المجد... قمم العزَّة والكرامة... نحو العلى... مضمخة بالإراق والأمل والتفاؤل تنير الدروب المظلمة، فهذا التَّراث بحقٍّ يُعدُّ سراج هذه الأمَّة وفخر ثقافتها ونشر أمجاد تلك الأمم السابقة التي عاشت وبادت، وحضارات ظهرت واختفت، وأبنية علت ثم طغت الرمِّال عليها، أو طمس البلَىِ كثيراً من معالمها.
المرء يقف تارة على أعتاب الماضي التليد، وما خلَّف من آثار ومقتنيات عديدة، لا شك أنك ستقف طويلاً أمام هذه المقتنيات، وتقف في دهشة أمام هذه القدرة البارعة في صناعة هذه الأواني المنزليَّة، وهذه الأدوات الزِّراعيَّة ونحت بعض الأدوات من الصخور في روعة وجمال، حيث تؤكد الأدلَّة التي تثبت تاريخيًّا أن هذه المعالم التَّاريخيَّة كانت مزدهرة منذ سنوات طويلة.
فكانت تتحلَّى بأجمل صورة، وأجمل حلة، وكل هذه المشاهد وغيرها يعجز الكاتب بما أوتي من قوَّة العبارة وجزالة المعاني ودقَّة التصوير أن يعبر عماَّ شاهده في هذا المتحف المصغر من تنوع في المقتنيات الأثريَّة منها القديم والمتوسط والحديث. فإن الوفاء لهذا التَّراث العريق... بحر من المعاني الهادفة لا توفيه كل الأقلام حقه فهو إحساس وشعور يتدفق مع كل نبضة قلب مخلص ووفي لتراث هذه البلاد الكريمة... فالوفاء عزيمة واصرار وتضحية وارتباط وانتماء لا حدود له. فالآباء والأجداد قدموا أعمالاً جليلة وخيرة لا تزال موجودة حتى عصرنا الحالي.
فالمحافظة على هذا التراث يعتبر استشراق عُلُوِّ النَّفس ومنطق الرُّوح، ورافدا من روافد المعرفةِ، وبستانا من بساتين الفكرِ والثقافة، وصورا مجلية للمعاني والأفكار حيث تزداد هذه المعارف وزنًا وغنى بمرور السِّنين، وكلما اكتسب الإنسان معارف وخبرات طريفة ضمَّها إلى ثقافته التليدة، وربح من هذا الضم ثقافة حيَّة متطورة.
وختاماً: فإن الاهتمام والعناية بهذا الموروث التاريخيِّ العريق، يعطي الأجيال الصاعدة معرفة ودرايةَّ وينمي مداركهم وثقافتهم، ويقوي الانتماء الدِّيني والوطنيُّ عندهم.
والله الموفِّقُ والمعين.