رسيني الرسيني
أكثر من 20 ترليون دولار على طاولة واحدة! هكذا بدأت الجلسة الافتتاحية لمؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار «FII» المنعقدة في الرياض الأسبوع الماضي، إذ تجمع المبادرة كل سنة أهم قادة المال والأعمال الذين يديرون الاقتصاد العالمي.
ففي هذه السنة انعقدت مبادرة مستقبل الاستثمار في نسختها التاسعة تحت شعار «مفتاح الازدهار»، بحضور رؤساء دول، وأصحاب معالي ووزراء، ومسؤولي صناديق الثروة السيادية، وكبار من المسؤولين التنفيذيين، ورواد في مختلف المجالات بشكل يعكس استدامة الرحلة السعودية نحو فجر اقتصادي جديد تتجمع فيه أصوات العالم تحت سقف واحد، لتنسج معاً قصّة مستقبل تتحقّق بخطى الاستثمار والتقنيات والابتكار.
مؤسسة مبادرة مستقبل الاستثمار (FII Institute) هي مؤسسة عالمية غير ربحية تعتمد على البيانات، وتمتلك ذراعاً استثمارياً، وتسعى لتحقيق هدف واحد، وهو إحداث أثر إيجابي على الإنسانية، إذ تُعد المؤسسة منصة عالمية شاملة تجمع العقول المبدعة من مختلف أنحاء العالم، وتعمل على تحويل الأفكار المبتكرة إلى حلول واقعية في أربعة مجالات محورية، هي: الذكاء الاصطناعي والروبوتات، والتعليم، والرعاية الصحية، والاستدامة. ومن الأمور التي زادت من أهمية المبادرة عالميًا أنها تُشبه رُقي المملكة في موقفها مع دول العالم، فتجد في هذه النسخة حضور دول الشرق والغرب المتفقين منهم والمختصمين، تحت سقف واحد يناقشون هدفًا واحدًا وهو التأثير على الإنسانية بشكل إيجابي وطموح.
اقتصادياً، يمثل هذا المؤتمر فصلًا مهمًا في مشهد التحوّل الاقتصادي السعودي والعالمي، بحيث يعكس قدرة المملكة على لعب دور محوري في إعادة توجيه تدفّقات الاستثمار العالمي؛ إذ أعلن خلال افتتاح المؤتمر أن الاستثمارات التي تمّ توقيعها عبر نسخ سابقة للمؤتمر تجاوزت 250 مليار دولار عبر السنوات الثمانية الماضية، كما ارتفع حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في المملكة بنسبة 24 % إلى 31.7 مليار دولار في عام 2024م. وبذلك، يبرز المؤتمر كمنصة إستراتيجية تربط رأس المال العالمي بالفرص المحلية، وتؤسس لمرحلة جديدة من التنوع والنمو المستدام في الاقتصاد السعودي، وتسهم في رفع التصنيف الاستثماري للمملكة.
ومن المتوقع أن يمتدّ الأثر الاقتصادي لمؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار على المدى الطويل، إذ سيعزّز موقع المملكة كمركز عالمي لجذب الاستثمارات وتمويل الابتكار في القطاعات الحيوية. فوجود أكثر من 20 تريليون دولار من الأصول تحت إدارة المشاركين يعني فتح آفاق جديدة للشراكات العابرة للحدود، ودفع عجلة التحول نحو اقتصاد قائم على المعرفة والتقنيات المتقدمة. كما يُتوقّع أن تسهم المشاريع والاتفاقيات الناتجة عن المؤتمر في تحفيز القطاعات غير النفطية، وتوفير فرص عمل نوعية، ودعم ريادة الأعمال الوطنية، مما يعزز تنافسية الاقتصاد السعودي عالميًا بما يتوافق مع رؤية المملكة 2030 في التنويع والاستدامة والنمو الشامل.
حسنًا، ثم ماذا؟
«دعونا نُهدِي هذا الحدث العظيم إلى قائد هذا البلد وإلى جميع المواطنين السعوديين، لأنكم أنتم، كما ورد في رؤية 2030 القوة الدافعة والإلهام الحقيقي لهذا الوطن» بهذه الكلمات اختتم المؤتمر من رئيس اللجنة التنفيذية لمؤسسة مبادرة مستقبل الاستثمار.