عبدالمحسن بن علي المطلق
صدور الموافقة «الملكية» بترشيحٍ من ولي العهد.. في (تعيين) سماحة العلامة الأستاذ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان مفتياً عاماً.. لمملكتنا الغالية، فأُملي اهتزاز ذات (مستبشرة) بالطالع السعود ببعض مما (استجمعت) عن سماحة شيخنا (المفتي):
مبتدأ:
.. لا أظن بعد تزكية الشيخين الجليلين ابن باز، وابن عثيمين رحمهما الله على نحو ما يأتي.. من حاجة لذكر شاهدٍ بعدُ، فقد.. سئل شيخنا العلامة سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى:
مَن نسأل بعدك (أي نَستفتي)؟، أجاب: أسالوا الشيخ صالح الفوزان، ثم كرر.. حين قيل له: أنسأل فلان؟، قال: فلان فقيه ولكن أسالوا الشيخ صالح الفوزان.
وكذلك سماحة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، يوم نَصح طلبة العلم بسؤال الشيخ الفوزان، في قوله (أُشهد الله جل وعلا على أنه الرجل الأمين، وحصن منيع من حصون التوحيد)، وهنا -قال الكاتب هنا- أورد من أدب ديننا لنا القول (نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدا) وندعو (له) بـ: نفع الله به الأمة وسدد الله في سبيل الحق خطاه، اللهم صل وسلم على نبينا محمد
ثم.. كُرر عليه - أي ابن عثيمين- في آخر أيام حياته، بعد إصابته بالمرض الذي مات فيه، فقيل له: يا شيخ! لا يُعلم من يموت قبل الآخر، لكن لو عشنا بعدك من نَسأل من؟ فقال الشيخ -رحمه الله-: العلماء كُثر، لكن مَن الفقيه؟..
فأُلح عليه بالسؤال، فقال: أُوصيكم بالشيخ صالح الفوزان، والشيخ عبدالرحمن البراك، والشيخ عبدالعزيز الراجحي- وهم أحياء الآن - أطال الله أعمارهم وأتم عليهم الصحة والعافية، ونفع بهم-.
جاء في صحيفة الجزيرة لا يهم العدد، بل التاريخ 22/ رجب/ 1399هــ - أي - بقي سنتين وتتم الرسالة نصف قرن-، وهذه ليست من أضغاث سيرته/
تناقش غداً (أول) رسالة دكتوراه تمنحها جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وذلك بعد صلاة المغرب مباشرة بقاعة المحاضرات بكلية الشريعة بالرياض/
الرسالة المقدّمة من الشيخ صالح بن فوزان بن عبدالله الفوزان وموضوعها (الأطعمة ما يحل منها وما يحرم بالأدلة).
.. ومن قبل، حين أُفتتح المعهد العلمي في بريدة عام 1373هـ/ 1954م، فكان من أوائل الملتحقين به، وتخرج فيه بعد أربعة أعوام، ليلتحق بعدها بكلية الشريعة في الرياض، ويتخرج فيها عام 1381هـ/ 1961م، ونال منها درجتي الماجستير والدكتوراه في تخصص الفقه، وكانت رسالة الماجستير بعنوان ((التحقيقات المرضية في المباحث الفرضية)) في المواريث، فيما كانت رسالة الدكتوراه بعنوان ((أحكام الأطعمة في الشريعة الإسلامية)).
إلحاقاً/ وهنا تذكرت جملة (هكذا يكون الأثر).. كذا بدء المحامي (محمد المشوح) نقلا عن الشيخ صالح الفوزان:
يقول لما أنهيت الابتدائية ذهبت لبريدة لحاجة، فمررت بالمعهد العلمي، وإذ محمد العبودي واقف بالباب، وكان مديراً للمعهد فاجتررني بيدي ولم يشاورني، داخل غرفة الصف وش عبدالرزاق عفيفي يشرح، ثم.. تمم فـ(أكمل بعدها أوراق قبولي)، ودعا لشيخنا.. العبودي.. رحمه الله.
.. وبعد/
(بطاقته) التي هي ملاءة - جمع ملاء الغني، وكثرة المال- تُبلغ سبيل قصدنا، عنه.. وكما أثبتت هذا بعض الوكالات لهذا الذي (أصبح) رابع مفتٍ في تاريخ السعودية بعد محمد بن إبراهيم آل الشيخ، وعبدالعزيز بن باز، وعبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ والذي توفى يوم الثلاثاء 23 سبتمبر/ أيلول الماضي، عن عمر ناهز 82 عاماً.
هو صالح بن فوزان بن عبدالله الفوزان (وُلد 1354هـ/ 1935م)، عالم وفقيه سعودي، وأستاذ جامعي، - الآن- هو المفتي العام للمملكة العربية السعودية، ورئيس هيئة كبار العلماء، والرئيس العام للرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء.
ومما يجدر أن (التدريس) في المعهد العلمي بالرياض أول وظيفة شغلها العلامة صالح الفوزان بعد تخرجه في كلية الشريعة التي انتقل إليها مدرساً في مرحلته التالية من العمل، قبل أن ينتقل للتدريس في الدراسات العليا بكلية أصول الدين، ثم مدرساً في المعهد العالي للقضاء، ليعين بعد ذلك مديراً للمعهد العالمي للقضاء، واشتغل بالتدريس في المعهد نفسه بعد انتهاء مدة تكليفه الإدارية، ثم انتقل بعد ذلك إلى اللجنة الدائمة للإفتاء والبحوث العلمية، ولا يزال عضواً فيها.
أيضاً/ هو -الشيخ- العالم الذي نذر عمره (كذا نحسب والله حسيبه)، للعلم لا بد من هذه الجملة، وقد جاءت بسياق حديث (.. عن المدح).
نكرر نذره للعلم والدعوة، فقد شغل عضويةً في كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء منذ عام 1412هـ) و(عضو المجمع الفقهي الإسلامي في مكة المكرمة التابع لرابطة العالم الإسلامي) بالإضافة أنه/ إمام وخطيب ومدرّس في جامع الأمير متعب بن عبدالعزيز آل سعود بحي الملز في الرياض.
كذلك.. ما له (حفظه ربّه) من جُهودٍ مسُطّرة، وأعني بها (مؤلّفات) عدة في العلوم الشرعية، من ضمنها:
كتاب ((التحقيقات المرضية في المباحث الفرضية في علم المواريث))، وهو رسالته في مرحلة الماجستير، وطبع في مجلد واحد، وأيضاً كتاب ((أحكام الأطعمة في الشريعة الإسلامية))، وهو الرسالة التي قدمها في مرحلة الدكتوراه، وله ((الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد والرد على أهل الشرك والإلحاد))، و((البيان فيما أخطأ فيه بعض الكتّاب))، وكتاب ((من أعلام المجددين في الإسلام))، و((مجموع محاضرات في العقيدة والدعوة))، و((الإعلام بنقد كتاب الحلال والحرام في الإسلام))، و(( مجموع فتاوي في العقيدة والفقه))، وهو كتاب مفرّغ من برنامج ((نور على الدرب)) وأُنجز منه 5 أجزاء.
أيضاً.. أصدر -الفوزان- كتاب ((التعقيب على ما ذكره الخطيب في حق الشيخ محمد بن عبد الوهاب))، وكتاب ((شرح العقيدة الواسطية))، و((الخطب المنبرية في المناسبات العصرية))، وكتاب بعنوان: ((رسائل في مواضيع مختلفة))، و((الضياء اللامع من الأحاديث القدسية الجوامع))، وكتاب ((التوحيد)) في المقررات الثانوية، و((إتحاف أهل الإيمان بدروس شهر رمضان))، وكتاب ((الملخص الفقيه))، وفتاوي ومقالات نشرت في مجلة الدعوة، و((بيان ما يفعله الحاج والمعتمر))، إضافة إلى رسائل وبحوث علمية منها ما طبع، ومنها ما هو في طريقه للطباعة، لكنها من إنجاز الشيخ ومجهوداته.
هذا، وبمناسبة مؤلفاته، فمن الطريف سئل مَرّة عن أفضل كُتبه وأقربها منه؟، ضحك.. وقال (ترُيدُني أمدح كُتبي!، أنا عندي أنها كُلّها ضعيفة).
ختام:
ما سبق هن (شذرات)، إذ لا يمكن صاحبكم أن يتجشّم صعود تلك القمم، ومعلوماته قابعة في قمقم سيرورة نفسه، فرحم حاله.. ربّه.
بخاصة وهو منذ (شبه) تطوّعت له الكلمات.. حَفظ جُملة ذهبية لإمامنا الذهبي رحمه الله.. مفادها أنّه (لا يكتب عن الأئمة إلا امام)، وبالتأكيد القصد أن يُعطوا حقهم الذي همُ له أهلٌ.
لكن جُهدي داعيه أمانةً ما سوف (تفرع سنّ) قلمي إن تثاءبت ما قد تؤخز: لما لم أفعل!
توقيع..
الإلفاتات لمثل هذه السّير، فتصُدّر للواجهات هذه النماذج - لكي نحاكيها.
وأن لا مستحيل على من لديه همّة أن يقارع - أيضاً-، فالميدان فسيح.. لكنه يضيق على الكسيح همة، المتراخي عزما!، ولا غرابة..
إذا أعجبتك خصال أمرئ
فكنه.. تكن مثل ما يعجبك
فليس على الجود والمكرمات
إذا جنيتها.. حاجب يحجبك
.. وإن (لم نستطع) (فلا أقل من أن نقدّرها، وأهلها..).