عبدالله إبراهيم الكعيد
تستندُ حكاية اليوم على المقولة الشهيرة «لو كان الفقر رجلاً لقتلته» التي لم يتفق الرواة على من هو القائل.
أما بعد: حين هممتُ بالكتابة عن هذه الحكاية المؤرقة للبشر والحكومات تساءلتُ في نفسي: هل الفقر يحدث من تلقاء نفسه أم أن وراء حدوثه بشرا غير أسوياء؟
وقد يجوز لي قول (أشرارا)، حتى أؤكّد شناعة صناعة الفقر إن جاز التعبير.
الأرضُ التي تُخرج الغذاء على هيئة زرع مختلف ألوانه والماء يجري على سطحها أو في جوفها والبحار والمحيطات تعجّ بالكائنات الكافية لتغذية البشر، هذا غير المخلوقات الأخرى التي تدبّ على الأرض.
ومع هذا أوهمونا كذباً بأن الأرض وبقية المصادر لم تعد كافية لإطعام جميع سكان المعمورة الذين تجاوز عددهم 8 مليارات إنسان.
حين يؤكّد (الغير) أمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بأن نحو 700 مليون شخص حول العالم ما زالوا يعيشون في فقر شديد رغم الجهود الدولية المبذولة خلال العقود الماضية للحد من الفقر وتحقيق التنمية المستدامة لم يُشر ولو على استحياء إلى الذين تسببوا في فقر هذا العدد الهائل من البشر؟
لم يقل لنا سيادته أن الدول المتغطرسة سبب رئيس في انتشار الفقر، والسكوت عنه من أجل تراكم ثروات شركاتها العابرة للقارات والتي تنهب البلدان التي لا حول لها ولا قوة في مواجهتهم.
ليتهم اكتفوا بنهب الثروات واستنزاف المصادر الطبيعية، بل واستعبدوا انسان تلك الدول وسخّروه كالآلة التي تعمل بلا كلل بأجورٍ مجحفة وظالمة، هذا إن كان هنالك من أجور!
حتى لا يظن أحدُ بأنني أطلق تلك الاتهامات جزافا، أحيلكم إلى كتاب (الشرايين المفتوحة لأمريكا اللاتينية) للكاتب والروائي إدواردو غاليانو الذي لخّص معاناة البشر بقوله «لقد ولّدت ثروتنا فقرنا بشكل دائم كي تُغذي طبق الآخرين، الامبراطوريات ومديروها المحليون فيتحول الذهب في كيمائيّة الاستعمار الحديث إلى خردة والغذاء إلى سم ..الخ»
صفوة القول: كون الفقر شيئا غير عاقل لا يتخلّق من تلقاء نفسه فالإنسان (الرجل) هو من تسبب ويتسبب فيه، لهذا أصبح الفقر رجلاً فمن يقتله؟! رغم أنني ضد القتل حتى الرحيم منه لأستبدل المقولة إلى (أصبح الفقر رجلاً فمن يُكبّل شياطينه!).